فصل: الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ النُّظَّارِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ مِنْ نَصْبٍ وَعَزْلٍ وَتَوْكِيلٍ وَفَرَاغٍ وَإِيجَارٍ وَتَعْمِيرٍ وَاسْتِدَانَةٍ وَإِقْرَارٍ وَقَبْضٍ وَصَرْفٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ النُّظَّارِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ مِنْ نَصْبٍ وَعَزْلٍ وَتَوْكِيلٍ وَفَرَاغٍ وَإِيجَارٍ وَتَعْمِيرٍ وَاسْتِدَانَةٍ وَإِقْرَارٍ وَقَبْضٍ وَصَرْفٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ:

(سُئِلَ) فِي الصَّالِحِ لِلنَّظَرِ مَنْ هُوَ؟
(الْجَوَابُ): هُوَ مَنْ لَمْ يَسْأَلْ الْوِلَايَةَ لِلْوَقْفِ وَلَيْسَ فِيهِ فِسْقٌ يُعْرَفُ، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْإِسْعَافِ لَا يُوَلَّى إلَّا أَمِينٌ قَادِرٌ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَا الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَكَذَا الْمَحْدُودُ فِي قَذْفٍ إنْ تَابَ وَيُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ عَقْلُهُ وَبُلُوغُهُ بَحْرٌ وَقَدْ أَفْتَى بِعَدَمِ صِحَّةِ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ قَائِلًا نَعَمْ يَصِحُّ الْإِسْنَادُ لِلْأُنْثَى حَيْثُ كَانَتْ مُتَّصِفَةً بِمَا ذُكِرَ وَأَمَّا الْإِسْنَادُ لِلصَّغِيرِ فَلَا يَصِحُّ بِحَالٍ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ بِالنَّظَرِ وَلَا عَلَى سَبِيلِ الْمُشَارَكَةِ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ وَالصَّغِيرُ يُوَلَّى عَلَيْهِ لِقُصُورِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى عَلَى غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
لَكِنْ فِي الْأَشْبَاهِ مَا يُنَاقِضُهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ وَيَصْلُحُ وَصِيًّا وَنَاظِرًا وَيُقِيمُ الْقَاضِي مَكَانَهُ بَالِغًا إلَى بُلُوغِهِ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ مِنْ الْوَصَايَا. اهـ.
(أَقُولُ) لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ وَهْبَانَ قَوْلَهُ وَنَاظِرًا وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ أَلْحَقَهُ بِالْوَصِيِّ لِاسْتِوَاءِ النَّاظِرِ وَالْوَصِيِّ فِي غَالِبِ الْأَحْكَامِ عَلَى أَنَّ الْبِيرِيَّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ ذَكَرَ أَنَّ فِي صِحَّةِ جَعْلِهِ وَصِيًّا خِلَافُ الْمَشَايِخِ وَذَكَرَ عِبَارَاتِهِمْ وَعِبَارَةَ الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ وَلَوْ أَوْصَى إلَى صَبِيٍّ تَبْطُلُ فِي الْقِيَاسِ مُطْلَقًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هِيَ بَاطِلَةٌ مَا دَامَ صَغِيرًا فَإِذَا كَبُرَ تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ. اهـ.
وَذَكَرْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ عَنْ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْإِمَامِ الْأُسْرُوشَنِيِّ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا فَوَّضَ التَّوْلِيَةَ إلَى صَبِيٍّ يَجُوزُ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْحِفْظِ وَيَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَمْلِكُ إذْنَ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ لَا يَأْذَنُ وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ. اهـ.
فَقَوْلُهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْحِفْظِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ عَاقِلًا رُبَّمَا يُفِيدُ التَّوْفِيقَ بِحَمْلِ مَا فِي الْإِسْعَافِ عَلَى مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ يُحْمَلُ عَلَى الْقِيَاسِ فَتَأَمَّلْ.
ثُمَّ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَاسْتَوَيَا اشْتَرَكَا، بِهِ أَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يَنْتَظِمُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ شَرَطَهُ لِأَفْضَلِ أَوْلَادِهِ فَاسْتَوَيَا فَلِأَسَنِّهِمْ وَلَوْ أَحَدُهُمَا أَوْرَعَ وَالْآخَرُ أَعْلَمَ بِأُمُورِ الْوَقْفِ فَهُوَ أَوْلَى إذَا أَمِنَ خِيَانَتَهُ. اهـ.
وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ لِأَرْشَدِهِمْ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ فُرُوعِ الْوَقْفِ وَلَوْ أَبَى أَفْضَلُهُمْ فَلِمَنْ يَلِيهِ اسْتِحْسَانًا قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ إلَخْ ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {إذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} عَلَائِيٌّ عَلَى الْمُلْتَقَى وَلَوْ اسْتَوَيَا رُشْدًا وَكَانَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} كَذَا أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ.
(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ وَقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَ فِيهِ النَّظَرَ لِمَنْ يَصْلُحُ مِنْ الذُّرِّيَّةِ فَثَبَتَ صَلَاحُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَحُكِمَ لَهُ بِالنَّظَرِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَثْبَتَ حَاكِمٌ آخَرُ صَلَاحَ امْرَأَةٍ مِنْهُمْ وَحَكَمَ لَهَا بِالنَّظَرِ فَهَلْ يَشْتَرِكَانِ أَوْ تُقَدَّمُ الْمَرْأَةُ الْجَوَابُ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِمَنْ يَصْلُحُ مِنْ الذُّرِّيَّةِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَثَبَتَتْ الصَّلَاحِيَّةُ لِلرَّجُلِ وَحُكِمَ لَهُ بِالنَّظَرِ فَلَا حَقَّ لِلْمَرْأَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ تَصْلُحُ وَلَا يُظَنُّ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِصِيغَةِ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَلْ هُوَ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إذَا ثَبَتَ لِوَاحِدٍ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ بَلْ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ بِصِيغَةِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ كَالْأَصْلَحِ وَالْأَرْشَدِ وَثَبَتَتْ الْأَصْلَحِيَّةُ وَالْأَرْشَدِيَّةُ لِوَاحِدٍ وَحُكِمَ لَهُ ثُمَّ وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ صَارَ أَصْلَحَ أَوْ أَرْشَدَ لَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَنْ فِيهِ هَذَا الْوَصْفُ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الْأَثْنَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَقِرَّ نَظَرٌ لِأَحَدٍ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا لَا تَنْعَقِدُ إمَامَةُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ فَذَاكَ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الدَّوَامِ وَمَقْصُودُ الْوَاقِفِ تَفْوِيضُ النَّظَرِ إلَى وَاحِدٍ يَصْلُحُ لَا إلَى كُلِّ مَنْ يَصْلُحُ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَعْلِ النَّظَرِ لِجَمِيعِ الذُّرِّيَّةِ إذَا كَانُوا صَالِحِينَ وَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ اخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ مَا يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الْوَقْفِ فَالْأَوْلَى حَمْلُ مَا فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ عَلَى النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ لَا عَلَى الْمَوْصُولَةِ وَحِينَئِذٍ لَا عُمُومَ فَإِنَّهَا نَكِرَةٌ فِي الْإِثْبَاتِ فَلَا تَعُمُّ بَلْ لَوْ فُرِضَ فِيهَا عُمُومٌ كَانَ مِنْ عُمُومِ الْبَدَلِ لَا مِنْ عُمُومِ الشُّمُولِ حَاوِي السُّيُوطِيّ مِنْ الْوَقْفِ.
(أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ عُلَمَاؤُنَا مُخَالِفٌ لِهَذَا فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ وَلَوْ صَارَ الْمَفْضُولُ مِنْ أَوْلَادِهِ أَفْضَلَ مِمَّنْ كَانَ أَفْضَلَهُمْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ بِشَرْطِهِ إيَّاهَا لِأَفْضَلِهِمْ فَيُنْظَرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَى أَفْضَلِهِمْ كَالْوَقْفِ عَلَى الْأَفْقَرِ فَالْأَفْقَرِ مِنْ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُعْطَى الْأَفْقَرُ مِنْهُمْ وَإِذَا صَارَ غَيْرُهُ أَفْقَرَ مِنْهُ يُعْطَى الثَّانِي وَيَحْرُمُ الْأَوَّلُ. اهـ.
وَفِي السَّادِسِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَلَوْ وَلَّى الْقَاضِي أَفْضَلَهُمْ ثُمَّ صَارَ فِي وَلَدِهِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فَالْوِلَايَةُ إلَيْهِ اعْتِبَارًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. اهـ.
وَرَأَيْت التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ وَسَنُحَقِّقُ الْمَسْأَلَةَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ نَظَرَ وَقْفِهِ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَتَوَلَّى الْأَرْشَدُ مِنْهُمْ نَظَرَ الْوَقْفِ وَثَبَتَتْ أَرْشَدِيَّتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ فَوَّضَ النَّظَرَ وَأَسْنَدَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِزَوْجَتِهِ الْأَهْلِ لِلنَّظَرِ الْعَدْلِ الْكَافِيَةِ بِمَصَالِحِ الْوَقْفِ الرَّشِيدَةِ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْمُسْتَحِقَّةِ بِالْفِعْلِ لِبَعْضِ رِيعِهِ وَقَرَّرَهَا قَاضِي الْقُضَاةِ فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ فَادَّعَى وَاحِدٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ أَرْشَدُ مِنْهَا وَطَلَبَ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ التَّفْوِيضُ الصَّادِرُ مِنْ الْأَرْشَدِ الْمَزْبُورِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِزَوْجَتِهِ الْمَزْبُورَةِ صَحِيحًا وَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا وَإِنْ أَثْبَتَ الْمَزْبُورُ الْأَرْشَدِيَّةَ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ صَدَرَ التَّفْوِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِ النَّاظِرِ الْأَرْشَدِ الْمَزْبُورَةِ لِزَوْجَتِهِ الْمَرْقُومَةِ الرَّشِيدَةِ يَكُونُ صَحِيحًا إذْ حَكَمَ ذَلِكَ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ لِلْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ وَقَدْ ثَبَتَ أَرْشَدِيَّةُ الْمُفَوِّضِ الْمَذْكُورِ فَقَدْ صَارَ مَشْرُوطًا لَهُ النَّظَرُ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ وَقَائِمًا مَقَامَهُ فَحَيْثُ فَوَّضَ النَّظَرَ لِلْمَذْكُورَةِ فَقَدْ اخْتَارَهَا وَالْمُخْتَارُ إذَا اخْتَارَ آخَرَ فَقَدْ صَارَ مُخْتَارَ الْوَاقِفِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُخْتَارِ وَلَا يَخْرُجُ النَّظَرُ عَنْهَا وَإِنْ أَثْبَتَ الْغَيْرُ الْأَرْشَدِيَّةَ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ قَالَ فِي الْبَحْرِ إذَا مَاتَ الْمَشْرُوطُ لَهُ بَعْدَ الْوَاقِفِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ غَيْرَهُ وَشَرَطَ فِي الْمُجْتَبَى أَنْ لَا يَكُونَ الْمُتَوَفَّى أَوْصَى بِهِ إلَى رَجُلٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَا يُنَصِّبُ الْقَاضِي غَيْرَهُ. اهـ.
وَقَالَ فِي الْأَشْبَاهِ سُئِلْت عَنْ نَاظِرٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّرْطِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ فَهَلْ إذَا فَوَّضَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ أَوْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إذَا فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ بِمَوْتِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّفْوِيضِ وَإِنْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يَنْتَقِلُ مَا دَامَ الْمُوصَى لَهُ بَاقِيًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ. اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ الْعَدْلِ الْكَافِي؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ الْحَجْرِ عَلَى الْعَدْلِ الرَّشِيدِ وَكَذَا مَنْ قَامَ مَقَامَهُ فَيَنْفُذُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْوَجِيزِ وَإِنْ مَاتَ الْقَيِّمُ وَقَدْ أَوْصَى إلَى أَحَدٍ فَوَصِيُّ الْقَيِّمِ بِمَنْزِلَةِ الْقَيِّمِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ. اهـ.
وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ وَإِنْ مَاتَ الْقَيِّمُ بَعْدَمَا مَاتَ الْوَاقِفُ فَإِنْ كَانَ الْقَيِّمُ قَدْ أَوْصَى إلَى غَيْرِهِ فَوَصِيُّهُ بِمَنْزِلَتِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوصِ إلَى غَيْرِهِ فَوِلَايَةُ نَصْبِ الْقَيِّمِ لِلْقَاضِي. اهـ.
وَفِيهَا، الْمُتَوَلِّي إذَا أَرَادَ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ. اهـ.
وَفِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ لَوْ فَوَّضَ النَّاظِرُ لِلْغَيْرِ النَّظَرْ يَصِحُّ مُطْلَقًا إذَا كَانَ اسْتَقَرَّ تَفْوِيضُهُ لَهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالِفِ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ فَإِنْ فِي صِحَّتِهْ فَوَّضَهُ ذَاكَ وَفِي سَلَامَتِهْ مَا صَحَّ ذَا وَإِنْ يَكُنْ قَدْ فَوَّضَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحِيحًا قَدْ مَضَى فَالْفِعْلُ فِي الصِّحَّةِ صَاحِ أَسْنَى لَكِنَّهُ فِي هَذِهِ يُسْتَثْنَى. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي صُرَّةِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ وَالتَّتِمَّةِ وَقَدْ أَفْتَى بِصِحَّةِ التَّفْوِيضِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَإِنْ أَثْبَتَ الْغَيْرُ الْأَرْشَدِيَّةَ كُلٌّ مِنْ الْمَرْحُومَيْنِ الْوَالِدِ وَالْعَمِّ وَالْجَدِّ الْمُحَقِّقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُفْتِينَ رَوَّحَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي دَارِ النَّعِيمِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعَلِيمُ.
(أَقُولُ) إذَا كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ ثُمَّ فَوَّضَ الْأَرْشَدُ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ كَانَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ الَّذِي قَالُوا فِيهِ إنَّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ فَكَيْفَ تَصِحُّ مُخَالَفَتُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إذَا فَوَّضَ لِطِفْلِهِ الصَّغِيرِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا مَعَ وُجُودِ الْأَرْشَدِ حَقِيقَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَدْ عَلِمْت قَبْلَ وَرَقَةِ الْكَلَامِ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَةِ الصَّغِيرِ وَلَوْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَكَيْفَ هُنَا وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ النُّقُولِ سِوَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ تَصْرِيحٌ بِمَا ادَّعَاهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ وَلَا أَنَّ الْمُفَوِّضَ فَوَّضَ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ وَأَمَّا مَا فِي الْأَشْبَاهِ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا قَالَهُ.
وَلَكِنَّهُ قَدْ اعْتَرَضَهُ مُحَشِّيهِ الْحَمَوِيُّ فَقَالَ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَوَّضَ الْآخَرُ لِآخَرَ وَهَكَذَا يَفُوتُ شَرْطُ الْوَاقِفِ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ أَصْلًا. اهـ.
وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِيمَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَفَرَغَ الْأَرْشَدُ لِزَوْجِ ابْنَتِهِ وَمَاتَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِمَنْ بَعْدَهُ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. اهـ.
مُلَخَّصًا وَكَذَا مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ الْحَائِكِ إذَا شَرَطَ الْأَرْشَدِيَّةَ فَفَوَّضَ الْأَرْشَدُ فِي الْمَرَضِ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ وَظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ يُوَلِّي الْقَاضِي الْأَرْشَدَ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ الْمُخَالِفَ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لَا يَصِحُّ. اهـ.
وَرَأَيْت فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةِ الْفَقِيهِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ السَّائِحَانِيِّ بِخَطِّهِ نَقَلَ أَوَّلًا مَا فِي الْأَشْبَاهِ وَقَالَ إنَّهُ دَرَجَ عَلَيْهِ إفْتَاءُ الشَّامِ ثُمَّ رَدَّهُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ وَعَنْ الْإِسْمَاعِيلِيَّة ثُمَّ قَالَ وَنَقَلَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيُّ قُدِّسَ سِرُّهُ عَنْ وَقْفِ هِلَالٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ النَّظَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِزَيْدٍ فَأَوْصَى عَبْدُ اللَّهِ لِبَكْرٍ وَمَاتَ يَكُونُ النَّظَرُ لِزَيْدٍ وَلَا يُشَارِكُهُ بَكْرٌ قَالَ يَعْنِي سَيِّدِي عَبْدَ الْغَنِيِّ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى رَدِّ جَوَابِ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ فَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يُحْمَلُ مَا فِي هِلَالٍ عَلَى حَالَةِ الصِّحَّةِ فَلَا يُعَارِضُ مَا فِي الْمَرَضِ وَأَجَابَ قُدِّسَ سِرُّهُ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْوَصِيَّةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْمَرَضِ وَأَجَابَ عَنْ إفْتَاءِ الشَّامِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ أَرْشَدَ؛ لِأَنَّ الْمُفَوِّضَ الْأَرْشَدَ يَفْعَلُ الْأَصْلَحَ وَأَمَّا إذَا فَوَّضَهُ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ فَقَدْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَالْأَصْلَحَ. اهـ.
(يَقُولُ الْفَقِيرُ) أَمَّا نَصُّ هِلَالٍ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا يُخَصِّصُهُ جَوَابُ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ الْمَقْدُوحِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ فَهْمٌ مُخَالِفٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاظِرَ إذَا لَمْ يُرَاعِ شَرْطَ الْوَاقِفِ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي فَكَيْفَ يُهْدَرُ شَرْطُ الْوَاقِفِ لِأَجْلِ عَدَمِ مُرَاعَاةِ النَّاظِرِ وَحَيْثُ وُجِدَ نَصُّ هِلَالٍ الْمَنْقُولُ لَا يُعَارَضُ بِالْعُقُولِ وَتَوْفِيقُ الشَّيْخِ قُدِّسَ سِرُّهُ هُوَ عَيْنُ الْمَنْقُولِ وَالصَّوَابِ.
وَقَوْلُ الْمُخَالِفِ: إنَّ الْأَرْشَدَ مُخْتَارُ الْوَاقِفِ فَإِذَا اخْتَارَ غَيْرَ الْأَرْشَدِ صَارَ غَيْرُ الْأَرْشَدِ مُخْتَارَ الْمُخْتَارِ فَيَكُونُ مُخْتَارًا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ عَقْلِيٌّ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمَنْقُولِ عَنْ هِلَالٍ وَلِأَنَّ الْوَاقِفَ اخْتَارَ الْأَرْشَدِيَّةَ فَكَيْفَ يَكُونُ غَيْرُ الْأَرْشَدِ مُخْتَارًا لَهُ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ كُلُّ مُخْتَارِ النَّاظِرِ مُخْتَارًا لِلْوَاقِفِ مَا كَانَ يَنْعَزِلُ إذَا لَمْ يُرَاعِ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَالْعَجَبُ مِنْ حَمْلِ نَصِّ هِلَالٌ عَلَى حَالِ الصِّحَّةِ وَعَدَمِ الْحَمْلِ فِي إفْتَاءِ الشَّامِ عَلَى النَّظَرِ الَّذِي يَمْلِكُهُ الْمُفَوِّضُ وَهُوَ كَوْنُهُ لِلْأَرْشَدِ. اهـ.
كَلَامُ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ أَمِينِ الْفَتْوَى بِدِمَشْقَ وَهُوَ تَحْقِيقٌ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ قَدْ أَوْضَحَ اللَّبْسَ وَأَزَالَ كُلَّ تَخْمِينٍ وَحَدْسٍ وَقَدْ أَيَّدَ مَا قُلْنَاهُ فَافْهَمْهُ وَاحْفَظْهُ وَدَعْ غَيْرَهُ وَلَا تَلْحَظْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي مَجْمُوعَةِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ فِي وَاقِفٍ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ لِلْأَرْشَدِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ أَقَامَ ابْنَهُ الْمَعْلُومَ نَاظِرًا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ بِلَا مُشَارِكٍ لَهُ وَمَاتَ قَامَ ابْنُهُ الْآخَرُ يَدَّعِي أَرْشَدِيَّتَهُ عَلَى الِابْنِ النَّاظِرِ وَأَثْبَتهَا وَطَلَبَ الْحُكْمَ لَهُ بِالنَّظَرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِقَوْلِ الدُّرِّ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَقْفِ إذَا كَانَ مُسَجَّلًا وَلَكِنْ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمَشْرُوطِ كَالْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ وَالْمُعَلِّمِ وَإِنْ كَانُوا أَصْلَحَ. اهـ.
وَلَا تَغْفُلْ عَنْ قَوْلِهِ الْمَشْرُوطِ وَإِنْ كَانَ أَصْلَحَ وَفِي الْبَحْرِ التَّوْلِيَةُ تُخَالِفُ سَائِرَ الشُّرُوطِ بِأَنَّ لَهُ التَّغْيِيرَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. اهـ.
كَلَامُهُ وَحَاصِلُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاقِفِ وَالنَّاظِرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَاقِفَ لَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ بِخِلَافِ النَّاظِرِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ مَرِضَ فَفَوَّضَ وَأَسْنَدَ نَظَرَ الْوَقْفِ لِابْنِهِ الْبَالِغِ ثُمَّ عُوفِيَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ وَتَصَرَّفَ ابْنُهُ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ مُدَّةً بِمُقْتَضَى التَّفْوِيضِ وَالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ التَّفْوِيضِ وَالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي امْرَأَةً مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ نَاظِرَةً عَلَيْهِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُعَارِضُهَا فِي ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ أَحَقُّ مِنْهَا لِكَوْنِهِ ذَكَرًا وَأَرْشَدَ مِنْهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا أَمِينَةٌ أَهْلٌ لِلنِّظَارَةِ كَافِيَةٌ بِمَصَالِحِ الْوَقْفِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُمْنَعُ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ الْمَذْكُورِ وَالْأُنُوثَةُ لَا تَمْنَعُ الرُّشْدَ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ شَرْعِيٍّ حَصَلَ لَهُ دَاءُ الْفَالِجِ فَأَقْعَدَهُ فِي الْفِرَاشِ وَمَنَعَهُ عَنْ الْحَرَكَةِ وَاعْتَقَلَ لِسَانُهُ وَعَجَزَ عَنْ تَعَاطِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ فَأَخْرَجَهُ الْقَاضِي عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ وَنَصَّبَ مَكَانَهُ رَجُلَيْنِ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ إخْرَاجًا وَنَصْبًا شَرْعِيَّيْنِ فَهَلْ صَحَّ كُلٌّ مِنْ الْإِخْرَاجِ وَالنَّصْبِ الْمَذْكُورَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ وَيَجِبُ الْإِفْتَاءُ وَالْقَضَاءُ بِكُلِّ مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ وَحَيْثُ رَأَى الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي عَزْلِهِ لِتَعَطُّلِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ بِذَلِكَ فَقَدْ صَحَّ عَزْلُهُ قَالَ فِي النَّهْرِ وَيُنْزَعُ الْمُتَوَلِّي لَوْ خَائِنًا أَيْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ نَزْعُهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْوَقْفِ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَاجِزًا نَظَرًا لِلْوَقْفِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ الْفَتْحِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهِ مَصْلَحَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْوَقْفِ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَنْزِعَهُ أَحَدٌ فَشَرْطُهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ. اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ أَنَّ الْوِلَايَةَ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ تَوْلِيَةُ الْخَائِنِ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ وَكَذَا تَوْلِيَةُ الْعَاجِزِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِهِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرٍ أَمِينٍ عَلَى وَقْفٍ أَهْلِيٍّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَمَى وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَعَاطِي أُمُورِ الْوَقْفِ وَمَصَالِحِهِ يُرِيدُ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ عَزْلَهُ بِمُجَرَّدِ الْعَمَى فَهَلْ يَصْلُحُ الْأَعْمَى نَاظِرًا وَلَا يُعْزَلُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ بَعَثَ مَعَ جَابِي الْوَقْفِ إلَى بَعْضِ مُسْتَحِقِّيهِ اسْتِحْقَاقَهُ فِي الْوَقْفِ وَالْجَابِي يَدَّعِي الْإِيصَالَ وَالْمُسْتَحِقُّ يُنْكِرُ وُصُولَهُ إلَيْهِ مِنْ يَدِ الْجَابِي فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْجَابِي فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ رَسُولٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَحِقِّ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ عَنْ النَّاظِرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِمَا فِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ وَكَذَا فِي الثَّلَاثِينَ مِنْ وَكَالَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَنَصُّ عِبَارَتِهَا وَإِذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَكَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ لَهُ بِالْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي يَدَّعِي الدَّفْعَ إلَى الْمَأْمُورِ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ عَنْ الْآمِرِ وَلَا يَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْآمِرِ مِنْ تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا وَتَكْذِيبِ الْآخَرِ فَيَجِبُ الْيَمِينُ لَهُ عَلَى الَّذِي كَذَّبَهُ دُونَ الَّذِي صَدَّقَهُ فَإِنْ صَدَّقَ الْمَأْمُورَ بِالدَّفْعِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْآخَرُ بِاَللَّهِ مَا قَبَضَ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَسْقُطْ دَيْنُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْقَبْضُ وَإِنْ نَكَلَ ظَهَرَ قَبْضُهُ وَسَقَطَ عَنْ الْآمِرِ دَيْنُهُ وَإِنْ صَدَّقَ الْآخَرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَكَذَّبَ الْمَأْمُورَ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ الْمَأْمُورَ خَاصَّةً بِاَللَّهِ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ مَالًا ثُمَّ أَمَرَ الْمُودِعُ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمُودَعُ قَدْ دَفَعْت فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْأَشْبَاهِ مَعَ حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ وَلِسَانِ الْحُكَّامِ وَالْخَانِيَّةِ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ مِنْ الْوَكَالَةِ وَفَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مِنْ الدَّعْوَى.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ غَابَ وَتَرَكَ الْوَقْفَ بِلَا وَكِيلٍ يُبَاشِرُ عَنْهُ وَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُ الْوَقْفِ فَهَلْ لِلْقَاضِي إقَامَةُ قَيِّمٍ عَنْهُ إلَى أَنْ يَقْدَمَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَيَتَصَرَّفُ الْقَيِّمُ فِي الْوَقْفِ بِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْعِ لِلْوَقْفِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ الْإِسْعَافِ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ النَّظَرَ لِأَحَدٍ بِأَنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَصِيٍّ فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَصِيٍّ فِي تَرِكَتِهِ فَالْوَصِيُّ مُتَكَلِّمٌ فِي وَقْفِهِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرٍ اسْتَدَانَ لِأَجْلِ ضَرُورَةٍ فِي الْوَقْفِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِإِذْنِ الْقَاضِي ثُمَّ عُزِلَ عَنْ النَّظَرِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ اسْتَدَانَ الْمَبْلَغَ بِمُرَابَحَةٍ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الدَّائِنِ شَيْئًا يَسِيرًا بِمَبْلَغٍ زَائِدٍ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ بِالزَّائِدِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَضْمَنُ الزِّيَادَةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْخَيْرِيَّةِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهَا وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ قَالَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ لِلْقَيِّمِ إنْ لَمْ تَهْدِمْ الْمَسْجِدَ الْعَامِرَ يَكُنْ ضَرَرُهُ فِي الْقَابِلِ أَعْظَمَ فَلَهُ هَدْمُهُ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ إذَا أَمْكَنَهُ الْعِمَارَةُ، فَلَوْ هَدَمَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غَلَّةٌ لِلْعِمَارَةِ فِي الْحَالِ فَاسْتَقْرَضَ الْعَشَرَةَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي سَنَةٍ وَاشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ شَيْئًا يَسِيرًا يَرْجِعُ فِي غَلَّتِهِ بِالْعَشَرَةِ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ. اهـ.
. (أَقُولُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْأَشْبَاهِ حَيْثُ قَالَ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَيَبِيعَهُ وَيَصْرِفَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَيَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى الْوَقْفِ الْجَوَابُ نَعَمْ كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ. اهـ.
وَتَبِعَهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْ الْأَجَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ بَقِيَ شِرَاءُ الْيَسِيرِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ فَتَمَحَّضَ ضَرَرًا عَلَى الْوَقْفِ فَلَمْ تَلْزَمْهُ الزِّيَادَةُ فَكَانَتْ عَلَى الْقَيِّمِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْمَتَاعِ وَبَيْعِهِ لِلُزُومِ الْأَجَلِ فِي جُمْلَةِ الثَّمَنِ. اهـ.
وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ الْبِيرِيِّ أَنَّ مَنْشَأَ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبَانِ عَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَى الْحُكْمِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي وَقَالَ هَذَا الَّذِي يُفْتَى بِهِ. اهـ.
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ أَيْضًا وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ مِنْ أَنَّهُ لَا جَوَابَ لِلْمَشَايِخِ فِيهَا. اهـ.
فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ بَحْثٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ ثِقَةٍ قَبَضَ أُجْرَةَ دَارَيْ الْوَقْفِ وَصَرَفَ بَعْضَهَا فِي عِمَارَتِهِمَا وَتَرْمِيمِهِمَا الضَّرُورِيَّيْنِ اللَّازِمَيْنِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَقِيلَ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْيَمِينِ وَأَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَيُكْتَفَى مِنْهُ بِالْإِجْمَالِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّفْسِيرِ شَيْئًا فَشَيْئًا. اهـ.
وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْوَصِيَّ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ الْقَيِّمَ عَلَى الْوَقْفِ وَمَالُ الصَّبِيِّ وَالْوَقْفِ فِي يَدِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمَنَاءِ بِمِثْلِ مَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إذَا كَانَ ثِقَةً؛ لِأَنَّ فِي الْيَمِينِ تَنْفِيرَ النَّاسِ عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ اُتُّهِمَ قِيلَ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا كُنْت خُنْت فِي شَيْءٍ مِمَّا أَخَذْت بِهِ إلَخْ.
(سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1153 فِي صَرْفِ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ قَبْلَ عَزْلِهِ وَبَعْدَهُ وَكَذَا لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الَّذِي صَرَّحُوا بِهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ وَأَفْتَى بِهِ التُّمُرْتَاشِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي تَحْلِيفِهِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا فِي الْفَوَائِدِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ. اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي هَذَا الزَّمَانِ. اهـ.
وَذُكِرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَوْقَافِ النَّاصِحِيِّ إذَا آجَرَ الْوَاقِفُ أَوْ قَيِّمُهُ أَوْ وَصِيُّ الْوَاقِفِ أَوْ أَمِينُهُ ثُمَّ قَالَ قَبَضْت الْغَلَّةَ فَضَاعَتْ أَوْ فَرَّقْتهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَأَنْكَرُوا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ أَنَّ عَدَمَ التَّحْلِيفِ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ مَا إذَا اتَّهَمَهُ الْقَاضِي وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ وَفِيمَا لَيْسَ هُنَاكَ مُنْكِرٌ مُعَيَّنٌ مَعَ كَلَامٍ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت وَفِيهَا أَيْضًا مِنْ بَابِ الْأَمَانَاتِ النَّاظِرُ إذَا ادَّعَى الصَّرْفَ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَعْنِي الْخَيْرَ الرَّمْلِيَّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ النَّاظِرُ مَعْرُوفًا بِالْخِيَانَةِ كَأَكْثَرِ نُظَّارِ زَمَانِنَا. اهـ.
وَأَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُفْسِدًا مُبَذِّرًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِصَرْفِهِ مَالَ الْوَقْفِ بِيَمِينِهِ. اهـ.
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قَبُولِ قَوْلِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مَعَ يَمِينِهِ مَا دَامَ نَاظِرًا. اهـ.
لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْوَقْفِ بَعْدَ الْعَزْلِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ بَعْدَ التَّأَمُّلِ فَإِنَّهُ قَالَ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ الْعَزْلِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ أَمْ لَا لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِي ذَلِكَ إذَا وَافَقَ الظَّاهِرَ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْعَزْلِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَاعَ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ وَكَانَتْ الْعَيْنُ هَالِكَةً وَفِيمَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ مَا وُكِّلَ بِدَفْعِهِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ وَأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ كَالْوَكِيلِ فِي مَوَاضِعَ وَوَقَعَ خِلَافٌ فِي أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَكِيلُ الْوَاقِفِ أَوْ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بِالْأَوَّلِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِالثَّانِي وَمِمَّا هُوَ صَرِيحٌ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْوَكِيلِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ فَرْعٌ فِي الْقُنْيَةِ قَالَ وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً بِأَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لِلْإِنْفَاقِ بَلْ أَطْلَقَ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَطَالَبَهُ الْوَرَثَةُ بِبَيَانِ مَا أَنْفَقَ وَمَصْرِفِهِ فَإِنْ كَانَ عَدْلًا يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ، وَإِنْ اتَّهَمُوهُ حَلَّفُوهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ جِهَاتِ الْإِنْفَاقِ وَمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الضَّمَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ. اهـ.
هَذَا صَرِيحٌ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ لَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْعَزْلَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ أَمِينًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لِمُوَكِّلِهِ فِي حَيَاتِهِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ.
مَا فِي الْحَمَوِيِّ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّاظِرَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ بَعْدَ عَزْلِهِ كَالْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ إذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْقَبْضِ وَكَذَّبُوهُ فِي الدَّفْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ صَارَ الْمَالُ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً فَتَصْدِيقُهُمْ لَهُ بَعْدَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّهُ مُودَعٌ كَافٍ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْمَالُ.
وَقَدْ أَفْتَى الْمَرْحُومُ الْوَالِدُ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ مَا دَامَ نَاظِرًا وَلَمْ يَذْكُرْ نَقْلًا وَالْمَسْأَلَةُ تَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ مِنْ كِتَابٍ صَحِيحٍ حَنَى يُطَمْئِنَ الْقَلْبَ فِي الْجَوَابِ فِي الْقَبُولِ أَوْ عَدَمِهِ بِمَا يَرَى فِي الْكِتَابِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا قَبُولُ قَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَحِقِّينَ فَقَالَ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى فِي أَوَاخِرِ الْوَقْفِ وَكَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إلَّا فِي نَفَقَةٍ زَائِدَةٍ خَالَفَتْ الظَّاهِرَ. اهـ.
وَأَمَّا فِي دَفْعِهِ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ فَقَدْ سُئِلَ الْمَوْلَى الْهَمَّامُ عُمْدَةُ الْأَنَامِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّيْخُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ مُفْتِي السَّلْطَنَةِ الْعَلِيَّةِ عَنْ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِي دَفْعِ الْوَظِيفَةِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْوَقْفِ لِلْخَطِيبِ أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْمُؤَذِّنِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ النَّاظِرِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ فَأَجَابَ لَا يُقْبَلُ لِمَا فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَيْهِ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَأَوْلَادِ الْوَاقِفِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ مُلَاحَظَةِ جَانِبِ الْإِجَارَةِ فِيهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْفَتْوَى وَهُوَ تَفْصِيلٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَلْيُعْمَلْ بِهِ. اهـ.
وَقَالَ الْمَوْلَى عَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي فِي مَجْمُوعَتِهِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا أَفَنْدِي عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَعْنِي مَسْأَلَةَ قَبُولِ قَوْلِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْوَظِيفَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْخِدْمَةِ فَهِيَ أُجْرَةٌ لَا بُدَّ لِلْمُتَوَلِّي مِنْ إثْبَاتِ الْأَدَاءِ بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَهِيَ صِلَةٌ وَعَطِيَّةٌ يُقْبَلُ فِي أَدَائِهَا قَوْلُ الْمُتَوَلِّي مَعَ يَمِينِهِ وَأَفْتَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمَشَايِخِ الْإِسْلَامِيَّةِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ عَلَى هَذَا مُتَمَسِّكِينَ بِتَجْوِيزِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الطَّاعَاتِ لَكِنْ قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ الْمُتَقَدِّمُ فِي كِتَابِهِ شَرْحِ تُحْفَةِ الْأَقْرَانِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْفَتْوَى وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ غَيْرَ أَنَّ عُلَمَاءَنَا عَلَى الْإِفْتَاء بِخِلَافِهِ. اهـ.
قُلْت فَالْمَذْكُورُ فِي الْإِسْعَافِ وَالْخَصَّافِ وَوَقْفِ الْكَرَابِيسِيُّ وَالْأَشْبَاهُ مِنْ الْأَمَانَاتِ وَالزَّاهِدِيِّ عَنْ وَقْفِ النَّاصِحِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِدُونِ تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ لَا عَلَى الْمُرْتَزِقَةِ فَيَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِلَامَيْنِ وَقَدْ اعْتَمَدَ تَفْصِيلُ الْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ ابْنِ التُّمُرْتَاشِيِّ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِهِ الزَّوَاهِرِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لَكِنْ بِدُونِ عَزْوٍ إلَى كِتَابٍ.
وَقَالَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى التَّنْوِيرِ وَقَدْ عَزَاهُ لِحَاشِيَةِ أَخِي زَادَهْ مِنْ الْعَارِيَّةِ بِزِيَادَةِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَنْكَرُوهُ بَلْ يَدْفَعُوهُ ثَانِيًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ. اهـ.
فَلْيُحْفَظْ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ وَالْجَوَابُ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْعِمَادِيُّ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِيهَا شَوْبَ الْأُجْرَةِ وَالصِّلَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمُقْتَضَى مَا قَالَهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالْوَقْفِ فَالْإِفْتَاءُ بِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مُتَعَيَّنٌ وَقَوْلُ الْغَزِّيِّ هُوَ تَفْصِيلٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَلْيُعْمَلْ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إذْ يَلْزَمُ مِنْهُ تَضْمِينُ النَّاظِرِ إذَا دَفَعَ لَهُمْ بِلَا بَيِّنَةٍ لِتَعَدِّيهِ فَافْهَمْ. اهـ.
(قُلْت) تَفْصِيلُ الْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ بِاعْتِبَارِ التَّمْثِيلِ بِالْأُجْرَةِ إذَا اسْتَعْمَلَ النَّاظِرُ رَجُلًا فِي عِمَارَةٍ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ فِي الدَّفْعِ لَهُ فَهِيَ مِثْلُهَا وَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَوْلَادِ لَا أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِمْ الْعَمَلُ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَعْمَلُوا لَا يَسْتَحِقُّونَ الْوَظِيفَةَ فَهِيَ كَالْأُجْرَةِ لَا مَحَالَةَ وَهُوَ كَأَنَّهُ أُجْبِرَ فَإِذَا اكْتَفَيْنَا بِيَمِينِ النَّاظِرِ يَضِيعُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ لَا سِيَّمَا نُظَّارُ هَذَا الزَّمَانِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَهَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا فِي هَذَا الْأَوَانِ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهُوَ الْهَادِي وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ الْأُمُورِ اعْتِمَادِي.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ النَّاظِرُ اسْتِحْقَاقَ رَجُلٍ تُوُفِّيَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَى جَمَاعَةٍ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ أَنَّهُ يُشَارِكُ الْجَمَاعَةَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ وَيُطَالِبُ النَّاظِرَ بِمَا خَصَّهُ مِنْ ذَلِكَ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ فَهَلْ إذَا أَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَطَلَبُهُ عَلَى الْمُتَنَاوِلِينَ لِذَلِكَ لَا عَلَى النَّاظِرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ إذْ النَّاظِرُ دَفَعَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَنْ ظَنِّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ الْمُسْتَحِقَّ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي الْوَقْفِ وَالْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ نَقْلًا عَنْ نَقْدِ الْمَسَائِلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لِلْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ بِمَا يَخُصُّهُ عَلَى النَّاظِرِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ الدَّائِنُ عَلَيْهِ وَإِلَّا عَلَى الْقَابِضِينَ إلَخْ إذْ الدَّفْعُ فِي مَسْأَلَتِنَا بِحَقٍّ بِالتَّصَرُّفِ وَلِكَوْنِهِمْ مِنْ الذُّرِّيَّةِ وَهُوَ كَالدَّفْعِ بِقَضَاءٍ.
(أَقُولُ) تَأَمَّلْ فِيمَا أَجَابَ بِهِ وَعَنْ دَفْعِ الْمُنَافَاةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّ فِيهَا عَنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ يَحْيَى بْنِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا سُئِلَ فِي وَقْفٍ عَلَى الذُّرِّيَّةِ فَرَّقَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ سِنِينَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ثُمَّ أَثْبَتَ وَاحِدٌ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَقَضَى بِهِ عَلَى النَّاظِرِ وَطَالَبَهُ بِمَا يَخُصُّهُ فِي الْمَاضِي فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَجَابَ إنْ دَفَعَ لِلْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ بِمَا يَخُصُّهُ عَلَى النَّاظِرِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ الدَّائِنُ عَلَيْهِ وَإِلَّا عَلَى الْقَابِضِينَ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَضَى بِدُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ بَعْدَ مُضِيِّ سِنِينَ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ حُكْمُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِي الْمَاضِي إلَّا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ قَائِمَةً. اهـ.
؛ لِأَنَّ دُخُولَهُمْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ لِلْإِنْفَاقِ. اهـ.
وَهَذَا مَا مَرَّ نَقْلُهُ عَنْ صُوَرِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ سُؤَالًا آخَرَ نَحْوَ مَا مَرَّ ثُمَّ ذَكَرَ الْجَوَابَ بِمَا نَصُّهُ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ فِي السَّادِسِ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي ضِمْنِ مَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا بَرْهَنَ عَلَى الْقَرَابَةِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ فِيمَا قَبَضُوهُ وَلِذَلِكَ نَظِيرٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَ النَّاظِرُ لِبَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَحْرَمَ الْبَاقِيَ لِلْمَحْرُومِ الرُّجُوعُ عَلَى النَّاظِرِ لِتَعَدِّيهِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ لِأَخْذِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَالنَّاظِرُ هُنَا لَمْ يَتَعَدَّ فَتَعَيَّنَتْ الْجِهَةُ الْأُخْرَى وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا وَفَّى الدَّيْنَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَأَذِنَ الْقَاضِي ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُشَارِكُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِمِثْلِ ذَلِكَ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَعُ كَثِيرًا فَلْتُحْفَظْ فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ وَأَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي فِي أَخٍ دَفَعَ لِأُخْتِهِ نِصْفَ الْوَقْفِ ظَانًّا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا فَظَهَرَ أَنَّهُ أَثْلَاثٌ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَيْهَا بِمَا قَبَضَتْهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَحَاسَبَ نَاظِرُ الْوَقْفِ مَعَ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى مَا قَبَضَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي سَنَةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَا صَرَفَهُ فِي مَصَارِفِ الْوَقْفِ الضَّرُورِيَّةِ وَمَا خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ فَاضِلِ الْغَلَّةِ وَصَدَّقَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَكَتَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ وُصُولًا بِذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمُحَاسَبَةِ وَالصَّرْفِ وَالتَّصْدِيقِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا وَلَيْسَ لَهُمْ نَقْضُ الْمُحَاسَبَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُتَوَلِّيًا عَلَى وَقْفِ بِرٍّ وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يَكْتُبُ مَقْبُوضَهُ وَمَصْرُوفَهُ بِمَعْرِفَةِ الْقَاضِي بِمُوجَبِ دَفْتَرٍ مَمْضِيٍّ بِإِمْضَائِهِ وَالْآنَ أَخَذَ شَخْصٌ التَّوْلِيَةَ عَنْ زَيْدٍ وَيُكَلِّفُ زَيْدًا أَنْ يُحَاسِبَهُ عَلَى مَقْبُوضِهِ وَمَصْرُوفِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ ثَانِيًا فَهَلْ يُعْمَلُ بِدَفَاتِر الْمُحَاسَبَةِ الْمُمْضَاةِ الْمَذْكُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُعْمَلُ بِدَفَاتِرِ الْمُحَاسَبَةِ الْمُمْضَاةِ بِإِمْضَاءِ الْقُضَاةِ وَلَا يُكَلَّفُ إلَى الْمُحَاسَبَةِ ثَانِيًا كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ عَلِيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ شِهَابُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ كَذَا وُجِدَ بِخُطُوطِهِمْ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذْ وَكَّلَتْ هِنْدٌ النَّاظِرَةُ عَلَى وَقْفٍ مَعْلُومٍ زَيْدًا فِي تَعَاطِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَتَعْمِيرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَبَاشَرَ ذَلِكَ مُدَّةً وَقَبَضَ غَلَّةَ الْوَقْفِ وَصَرَفَ بَعْضَهَا فِي لَوَازِمِ الْوَقْفِ وَمُهِمَّاتِهِ اللَّازِمَةِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَفِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا أَوَاخِرَ هَذَا الْبَابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَنَى نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِنَاءً لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَهُوَ يَدْفَعُ أُجْرَةَ مِثْلِ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ فَهَلْ يَكُونُ الْبِنَاءُ لِلنَّاظِرِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ خِيَانَةً مُوجِبَةً لِعَزْلِهِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَأَمَّا الْبِنَاءُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ فَإِنْ كَانَ الْبَانِي الْمُتَوَلِّيَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِمَالِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ. اهـ.
(أَقُولُ) لَكِنْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مَا نَصُّهُ سُئِلَ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ رَجُلٍ بَنَى فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ فَمَا حُكْمُهُ أَجَابَ إنْ كَانَ الْبَانِي هُوَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ وَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا فِي وَضْعِهِ فَيَجِبُ رَفْعُهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ أَضَرَّ فَهُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْوَقْفِ وَلَا الِانْتِفَاعَ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَهُ بِأَرْضِ الْوَقْفِ فَقَدْ ضَيَّعَ مَالَهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُفَسَّقُ الْمُتَوَلِّي وَيَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ لِتَعَدِّيهِ بِهَذَا التَّصَرُّفِ وَأَفْتَى كَثِيرُونَ بِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُ لِلْوَقْفِ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ مَنْزُوعًا وَغَيْرَ مَنْزُوعٍ بِمَالِ الْوَقْفِ فِي صُورَةِ الضَّرَرِ، وَإِنْ كَانَ الْبَانِي غَيْرَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ بَنَى لِلْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ رَفْعَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِأَرْضِ الْوَقْفِ فَإِنْ أَضَرَّ فَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَقَدْ عَلِمْت الْأَحْكَامَ مُسْتَوْفَاةً فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا غَرَسَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ غِرَاسًا لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهُوَ يَدْفَعُ أُجْرَةَ مِثْلِ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ يَكُونُ الْغِرَاسُ لِلنَّاظِرِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ خِيَانَةً مُوجِبَةً لِعَزْلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَذَا أَفْتَى بِهِ جَدِّي الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ كَمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ. (أَقُولُ) فِيهِ مَا عَلِمْته مِمَّا تَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَخْذُ مَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً وَلَا لِلْقَيِّمِ أَنْ يَزْرَعَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ. اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ زَرَعَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خِيَانَةً يَسْتَحِقُّ بِهَا الْعَزْلَ. اهـ.
إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ يَدْفَعُ الْأُجْرَةَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ تَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُقَرَّرًا فِي إمَامَةِ جَامِعٍ مُعَيَّنٍ بِمُوجَبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ يُبَاشِرُهَا وَيَتَنَاوَلُ مَعْلُومَهَا الْمُعَيَّنَ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ مُدَّةً مَدِيدَةً وَالْآنَ أَبْرَزَ عَمْرٌو بَرَاءَةً مُقَدَّمَةَ التَّارِيخِ مُتَضَمِّنَةً لِتَوْجِيهِ الْإِمَامَةِ لَهُ وَرَفْعِ زَيْدٍ عَنْهَا مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَقَامَ يُطَالِبُ زَيْدًا بِمَعْلُومِ الْوَظِيفَةِ قَبْلَ ذَلِكَ وَزَيْدٌ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَهَلْ يُمْنَعُ عَمْرٌو مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ مِنْ التَّارِيخِ الْمَزْبُورِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةِ " الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ " وَقَّفْنَا عَزْلَ الْوَكِيلِ عَلَى عِلْمِهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ عَنْهُ وَكَذَا الْقَاضِي وَصَاحِبُ وَظِيفَةٍ. اهـ.
وَأَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مَا يَأْخُذُهُ النَّاظِرُ هُوَ بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ وَلَا أُجْرَةَ بِدُونِ الْعَمَلِ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ تَرَكَ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ مُبَاشَرَتَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ فِيهَا الْعَمَلُ لَا يَأْثَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ. اهـ.
بَحْرٌ وَفِيهِ أَيْضًا لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا مَنْ بَاشَرَ الْعَمَلَ. اهـ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ اغْتَرَّ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي زَمَانِنَا فَاسْتَبَاحُوا مَعَالِيمَ الْوَظَائِفِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ لَهُ نَاظِرٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ بِمُوجَبِ حُجَّةِ تَقْرِيرٍ بِيَدِهِ وَهُوَ عَدْلٌ أَمِينٌ كَافٍ بِمَصَالِحِ الْوَقْفِ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْ الذُّرِّيَّةِ يُعَارِضُهُ فِي النَّظَرِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّهُ قُرِّرَ فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ بِمُقْتَضَى أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ لِوَقْفِهِ نَاظِرًا وَمُتَوَلِّيًا مِنْ الذُّرِّيَّةِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِكِتَابِ وَقْفٍ بِيَدِهِ مُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ وَلِمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي حُجَّةِ تَقْرِيرِ النَّاظِرِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مُقَرَّرٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالنَّظَرِ وَلِشُغُورِ الْوَظِيفَةِ عَنْ مُبَاشِرٍ شَرْعِيٍّ وَأَنَّ النَّاظِرَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْوَظِيفَتَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ تَصَرُّفٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ بِوَظِيفَتَيْ تَوْلِيَةٍ وَنَظَرٍ مُنْفَرِدًا كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ مِنْ زَمَنِ الْوَاقِفِ إلَى الْآنَ بَلْ التَّصَرُّفُ فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ وَحْدَهَا وَلَيْسَ هُنَاكَ وَظِيفَةُ تَوْلِيَةٍ وَلَا تَصَرَّفَ بِهَا أَحَدٌ أَصْلًا مِنْ الْقَدِيمِ إلَى الْآنَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ الْمُدَدَ الْمُتَطَاوِلَةِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَزْبُورِ يَمْنَعُ الْمُعَارِضَ فِي ذَلِكَ سِيَّمَا وَقَدْ بَنَى أَمْرَهُ عَلَى شُغُورِ الْوَظِيفَةِ عَنْ مُبَاشِرٍ وَالْمُبَاشِرُ مَوْجُودٌ وَلَا يَجُوزُ عَزْلُ صَاحِبِ وَظِيفَةٍ مَا بِغَيْرِ جُنْحَةٍ وَالْقَيِّمُ وَالْمُتَوَلِّي وَالنَّاظِرُ فِي كَلَامِهِمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا تَشْهَدُ بِهِ فُرُوعُهُمْ خَيْرِيَّةٌ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفًا وَجَعَلَ لَهُ مُتَوَلِّيًا وَنَاظِرًا أَيْ مُشْرِفًا عَلَيْهِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ رَجُلٌ وَاحِدٌ بَيْنَ الْوَظِيفَتَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ وَاحِدٌ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ يَكُونُ مُتَوَلِّيًا وَنَاظِرًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ النَّاطِفِيُّ انْفِرَادُ الْوَاحِدِ بِالتَّصَرُّفِ وَالْوَاقِفُ اعْتَمَدَ عَلَى رَأْيِ اثْنَيْنِ وَنَظَرِهِمَا تَصَرُّفًا وَلَمْ يَرْضَ بِوَاحِدٍ كَذَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ لَهُ نَاظِرٌ وَمُتَوَلٍّ بِمُوجَبِ شَرْطِ وَاقِفِهِ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَنْصُوبٌ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ وَلَيْسَ النَّاظِرُ مَنْصُوبًا مِنْ قِبَلِ الْمُتَوَلِّي وَلَا وَكِيلًا عَنْهُ وَلَا مَأْذُونًا مِنْ طَرَفِهِ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ وَحْدَهُ بِدُونِ عِلْمِ النَّاظِرِ وَلَا رَأْيِهِ وَلَا اطِّلَاعِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ الْقَيِّمُ وَالْمُتَوَلِّي وَالنَّاظِرُ فِي كَلَامِهِمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا تَشْهَدُ بِذَلِكَ فُرُوعُهُمْ الْمُتَعَاقِبَةُ عَلَيْهَا تِلْكَ الْأَلْفَاظُ يَفْهَمُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَعَرَفَ اصْطِلَاحَهُمْ وَشَمِلَهُ اسْمُ الْفُقَهَاءِ. اهـ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْخَانِيَّةِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِاثْنَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ. اهـ.
وَفِيهَا مِنْ الْوَكَالَةِ: الشَّيْءُ الْمُفَوَّضُ لِاثْنَيْنِ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ وَالنَّاظِرَيْنِ. اهـ.
وَنَحْوُهُ فِي التَّنْوِيرِ فَإِنَّ الْوَاقِفَ اعْتَمَدَ عَلَى رَأَى اثْنَيْنِ وَعَمَلِهِمَا لَا يَجُوزُ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ أَيْ النَّاظِرَ بِمَعْنَى الْمُشْرِفِ فَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِدُونِ رَأْيِ الْمُشْرِفِ وَعِلْمِهِ. اهـ.
وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَسْتَقِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَأَنَّ مَسَائِلَهُ تُنْزَعُ مِنْهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ لِلْفَقِيهِ بِأَدْنَى إمَالَةِ نَظَرٍ إلَيْهِ. اهـ.
وَفِيهَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِ الْمُشْرِفِ فَكَيْفَ الْمُتَوَلِّي. اهـ.
فَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ بِمَعْنَى الْمُتَوَلِّي أَوْ بِمَعْنَى الْمُشْرِفِ وَهُمَا إمَّا وَكِيلَانِ عَنْ الْوَاقِفِ أَوْ وَصِيَّانِ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ بِدُونِ عِلْمِ النَّاظِرِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى مَا ظَهَرَ لَنَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ النَّاظِرُ مَنْصُوبًا مِنْ قِبَلِ الْمُتَوَلِّي فَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ أَوْ مَأْذُونًا مِنْ قِبَلِهِ وَفِعْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَأْذُونِ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْآذِنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
(أَقُولُ) لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي وَنَصُّهُ نَعَمْ لِوَلَدِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ وَظِيفَتَيْ الْجِبَايَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ بِالْوَقْفِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَنْعُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ وَظِيفَتَيْنِ إذْ لَا مُعَارِضَ فِي الْقِيَامِ بِالْوَظِيفَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ بَلْ قِيَامُ الْجَابِي بِوَظِيفَةِ الْمُبَاشَرَةِ أَشَدُّ ضَبْطًا فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مُبَاشِرَ الْوَقْفِ إنَّمَا يَعْتَمِدُ فِيمَا يَضْبِطُهُ عَلَى إمْلَاءِ الْجَابِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
؛ لِأَنَّ هَاتَيْنِ وَظِيفَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ بِخِلَافِ النَّظَرِ وَالتَّوْلِيَةِ فَإِنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا عَلِمْته فَإِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ نَاظِرًا وَمُتَوَلِّيًا فَكَأَنَّهُ شَرَطَ وَظِيفَةَ النَّظَرِ الْمُرَادِفَةِ لِلتَّوْلِيَةِ لِشَخْصَيْنِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهَا وَاحِدٌ لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ اجْتِمَاعُ رَأْيِ شَخْصَيْنِ فِي تَعَاطِي أُمُورِ الْوَقْفِ وَلَيْسَ رَأْيُ الْوَاحِدِ كَرَأْيِ الِاثْنَيْنِ فَلَيْسَ مَقْصُودُهُ تَعَدُّدَ الْوَظِيفَةِ بَلْ تَعَدُّدَ صَاحِبِهَا، أَمَّا الْجِبَايَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ فَلَمَّا كَانَتَا مُتَبَايِنَتَيْنِ كَانَ مَقْصُودُهُ تَعَدُّدَ الْوَظِيفَتَيْنِ سَوَاءٌ اجْتَمَعَتَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي شَخْصَيْنِ.
كَمَا لَوْ شَرَطَ وَظِيفَةَ إمَامَةٍ وَأَذَانٍ فَقَامَ بِهِمَا وَاحِدٌ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْوَاقِفِ وَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْمُؤَذِّنَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ. اهـ.
وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا.
(سُئِلَ) فِي نُظَّارِ وَقْفِ بِرٍّ يُعَارِضُونَ مُتَوَلِّيَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ نِظَارَتَهُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ نِظَارَتَهُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَكَنَتْ هِنْدٌ فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ عِدَّةَ سِنِينَ بِالتَّغَلُّبِ بِلَا إجَارَةٍ ثُمَّ طَالَبَهَا النَّاظِرُ بِالْأُجْرَةِ فَامْتَنَعَتْ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَادَّعَى عَلَيْهَا بِذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَأَلْزَمَهَا بِالْأُجْرَةِ وَغَرِمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَبْلَغًا دَفَعَهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَفْعِهِ وَيُرِيدُ احْتِسَابَهُ عَلَى الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ عَمَّرَ فِي الْوَقْفِ عِمَارَةً ضَرُورِيَّةً وَصَرَفَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُسْتَحِقُّونَ وَشَكَوْا عَلَيْهِ لِلْحَاكِمِ وَالْتَمَسُوا الْكَشْفَ وَالْوُقُوفَ عَلَى صَرْفِهِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى أَمَاكِنِ الْوَقْفِ الْمُحْتَاجَةِ لِلتَّعْمِيرِ وَالتَّرْمِيمِ وَالْمُحَاسَبَةِ عَلَى إيرَادِ الْوَقْفِ وَمَصَارِفِهِ فَكَشَفَ عَلَيْهَا كَمَا الْتَمَسُوا فَإِذَا الْعِمَارَةُ الْمَذْكُورَةُ ثَابِتَةٌ فِي مَحَالِّهَا كَمَا قَرَّرَهُ الْمُتَوَلِّي وَثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَكُتِبَ بِذَلِكَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ وَدَفْتَرٌ مَمْضِيٌّ بِإِمْضَاءِ الْقَاضِي وَغَرِمَ النَّاظِرُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ عَلَى ذَلِكَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ احْتِسَابُهُ عَلَى الْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ يَدَ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ يَدُ أَمَانَةٍ لَا يَدُ عُدْوَانٍ فَحَيْثُ أَخَذَ مِنْهُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُ الْآخِذِ عَنْ أَخْذِهِ فَلِلنَّاظِرِ احْتِسَابُهُ عَلَى الْوَقْفِ وَفِي الْبَحْرِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ لِلْقَيِّمِ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إلَى كُتُبِ الْفَتْوَى وَمَحَاضِرِ الدَّعْوَى لِاسْتِخْلَاصِ الْوَقْفِ مِنْ أَيْدِي ذَوِي الشَّوْكَةِ خَيْرِيَّةً مِنْ الْوَقْفِ.
وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ تَصَرُّفَاتِ الْقَيِّمِ وَفِيهَا أَيْضًا وَقَدْ صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا قَاطِبَةً بِأَنَّ يَدَ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ يَدُ أَمَانَةٍ لَا يَدُ عُدْوَانٍ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ فَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ عِنْدَهُ أَمَانَةً وَأَخْذُ الْقَاضِي وَأَعْوَانِهِ الْمَالَ كَأَخْذِ اللُّصُوصِ وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ قُضَاةِ زَمَانِهِمْ تَسَمَّوْا بِاسْمِ الْقُضَاةِ وَهُمْ بِاسْمِ اللُّصُوصِ أَحَقُّ فَلَا يَضْمَنُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَجُوزُ الْأَخْذُ عَلَى نَفْسِ الْكِتَابَةِ وَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ عَلَى نَفْسِ الْمُحَاسَبَةِ؛ لِأَنَّ الْحِسَابَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بَحْرٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِ النَّاظِرِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مَنَعَ دَعْوَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو اخْتِصَاصَهُمَا بِكَامِلِ رِيعِ الْوَقْفِ لِانْفِرَادِهِمَا فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا وَأَثْبَتَ أَنَّهُ بَيْنَ جَمِيعِ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ الْمُتَنَاوِلِينَ لِذَلِكَ بِمُوجَبِ حُجَّةٍ وَصَرَفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِائَتَيْ قِرْشٍ وَثَلَاثَةَ قُرُوشٍ وَنِصْفًا وَاقْتَطَعَ مِنْهَا مِائَةً مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَيُرِيدُ اقْتِطَاعَ بَقِيَّةِ مَا يَدَّعِي صَرْفَهُ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَنَّهُ صَرَفَ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ يُسَاوِيهِ فِي الدَّرَجَةِ وَمَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ بِسَبَبِ الْمَنْعِ؟
(الْجَوَابُ): الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْوَقْفِ بَعْدَ مَصَارِفِهِ مِلْكٌ لِأَرْبَابِهَا مَوْرُوثَةٌ لَهُمْ وَالدَّعْوَى الَّتِي صَرَفَ لِأَجْلِهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْغَلَّةِ وَلَيْسَتْ لِدَفْعِ غَائِلَةٍ عَنْ نَفْسِ الْوَقْفِ بَلْ عَنْ شَرِيكِهِ فِي الْغَلَّةِ الَّتِي هِيَ مِلْكٌ لَهُ وَلَهُمْ وَإِذَا خَسِرَ الشَّرِيكُ بِسَبَبِ دَعْوَى لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ قَالَ فِي جَوَاهِرِ الْفَتْوَى ابْنٌ وَبِنْتٌ وَرِثَا دَارًا فَادَّعَى مُدَّعٍ عَلَى الِابْنِ فِيهَا وَلَحِقَهُ خُسْرَانٌ بِسَبَبِ الدَّعْوَى لَا يَرْجِعُ. اهـ.
فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَقُولُوا لَهُ شَيْئًا يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِدَفْعِ غَائِلَةٍ عَنْ الْوَقْفِ وَلَا جَلْبِ مَنْفَعَةٍ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ سَوَاءٌ ثَبَتَ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي أَوْ لِلْمَمْنُوعِ عَنْهُ وَلَيْسَ بِدَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنِ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ صَرَفَهُ مِنْ مَالِهِ لِأَمْرٍ مُتَعَلِّقٍ بِعَيْنِ الْوَقْفِ وَادَّعَى بِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَهَذِهِ الدَّعْوَى لَيْسَتْ لِدَفْعِ صَائِلٍ عَنْ الْوَقْفِ بَلْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْغَلَّةِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلَا دَخْلَ لِلْوَقْفِ فِي ذَلِكَ فَلَا يَسُوغُ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا صَرَفَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَا فِي مَالِ الْوَقْفِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِوَقْفٍ أَهْلِيٍّ ثَلَاثَةُ نُظَّارٍ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بَدَلٌ عَنْ بَعْضِ عَقَارَاتِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ الْمُسْتَبْدَلَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَادَّعَى مُسْتَحِقُّو الْوَقْفِ عَلَى النُّظَّارِ بِأَنَّ لَهُمْ حِصَّةً فِي الْمَبْلَغِ وَطَالَبُوهُمْ بِقِسْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فَتَرَافَعُوا مَعَ النُّظَّارِ بِخُصُوصِهَا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَمَنَعَهُمْ الْحَاكِمُ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً شَرْعِيَّةً وَغَرِمَ النُّظَّارُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَهَلْ لَهُمْ احْتِسَابُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا مَرَّ.
(سُئِلَ) فِي جَامِعٍ لَهُ مُتَوَلٍّ وَإِمَامٌ وَخَطِيبٌ مَاتَ بَعْضُهُمْ وَعَجَزَ الْبَعْضُ وَظَهَرَ خِيَانَةٌ مِنْ الْبَعْضِ فَقَرَّرَ الْقُضَاةُ الْوَظَائِفَ مُتَعَاقِبَةً عَلَى رَجُلٍ أَهْلٍ وَمَحَلٍّ وَمُسْتَحِقٍّ لَهَا بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْجَامِعِ وَعُرِضَ الْأَمْرُ إلَى السُّلْطَانِ نَصَرَهُ الرَّحْمَنُ فَقَرَّرَ الْوَظَائِفَ عَلَى الرَّجُلِ الْمَرْقُومِ بِأَوَامِرَ سُلْطَانِيَّةٍ فَهَلْ يَكُونُ التَّقْرِيرُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) وَمَرَّ قَبْلَ نَحْوِ وَرَقَةٍ نَقْلُ الْمَسْأَلَةِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُقَرَّرٍ فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ بِمُوجَبِ صَكٍّ مِنْ قِبَلِ قَاضٍ شَرْعِيٍّ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ مِنْ رِيعِهِ وَلَا شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا وَعَمِلَ فِي الْوَقْفِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَأَمَّا بَيَانُ مَالَهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَاقِفِ فَلَهُ الْمَشْرُوطُ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبَ الْقَاضِي فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا تَعْيِينِ الْقَاضِي فَنُقِلَ فِي الْقُنْيَةِ أَوَّلًا إنَّ الْقَاضِيَ لَوْ نَصَّبَ قَيِّمًا مُطْلَقًا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَجْرًا فَسَعَى فِيهِ سَنَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ وَثَانِيًا إنَّ الْقَيِّمَ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِ سَعْيِهِ سَوَاءٌ شَرَطَ لَهُ الْقَاضِي أَوْ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَجْرًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْقِوَامَةَ ظَاهِرًا إلَّا بِأَجْرٍ وَالْمَعْهُودُ كَالْمَشْرُوطِ. اهـ.
وَوَفَّقَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِيهِ بِحَمْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا.
(سُئِلَ) فِي النَّاظِرِ إذَا أَحَالَ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ وَهُمْ يَأْخُذُونَ الْأُجْرَةَ مِنْ السُّكَّانِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ مَعْلُومًا لِذَلِكَ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا يَسْتَحِقُّ مَعْلُومًا لِذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْأَمَانَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِي النَّاظِرِ إذَا أَرَادَ أَخْذَ الْعُشْرِ مِنْ كَامِلِ غَلَّةِ الْوَقْفِ نَظِيرَ عَمَلِهِ وَهُوَ قَدْرُ أَجْرِ مِثْلِهِ وَيُعَارِضُهُ بَقِيَّةُ الْمُسْتَحِقِّينَ زَاعِمِينَ أَنَّ لَهُ عُشْرَ الْفَاضِلِ بَعْدَ الْمَصَارِفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ الْعُشْرُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا لَهُ أَخْذُهُ مِنْ كَامِلِ الْغَلَّةِ قَبْلَ حِسَابِ الْمَصَارِفِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ جَعَلَ لَهُ الْقَاضِي عُشْرَ الْمُتَحَصِّلِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ نَظِيرَ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ أَخْذُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ الْغَلَّةِ إذَا عَمِلَ فِي الْوَقْفِ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَدْرَ أَجْرِ مِثْلِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعُشْرِ أَجْرُ مِثْلٍ عَمَلِهِ حَتَّى لَوْ زَادَ عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ رُدَّ الزَّائِدُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ مَعْلُومٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ صَاحِبَ الْوَلْوَالِجِيَّةِ بَعْدَ أَنْ قَالَ جَعَلَ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ عُشْرَ غَلَّةِ الْوَقْفِ قَالَ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي إجَابَةِ السَّائِلِ وَمَعْنَى قَوْلِ الْقَاضِي جَعَلَ لَهُ عُشْرًا أَيْ الَّتِي هِيَ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا مَا تَوَهَّمَهُ أَرْبَابُ الْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ إلَخْ بِيرِيٌّ زَادَهْ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَضَاءِ.
(أَقُولُ) وَكَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ عَنْ حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ فَتَحَرَّرَ أَنَّ الْوَاقِفَ إنْ عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَهُ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ حَيْثُ لَمْ يَشْرِطْهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِنَا عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْوَاقِفُ وَعَيَّنَ لَهُ الْقَاضِي أُجْرَةَ مِثْلِهِ جَازَ، وَإِنْ عَيَّنَ أَكْثَرَ يُمْنَعُ عَنْهُ الزَّائِدُ عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ هَذَا إنْ عَمِلَ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً وَبِمِثْلِهِ صَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَإِنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ شَيْئًا يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَعْهُودُ أَنْ لَا يَعْمَلَ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ كَالْمَشْرُوطِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ يَجِبُ إلَيْهِ الْمَصِيرُ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلِمَاتِهِمْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ نَاظِرُ وَقْفٍ زَيْدًا يَتَعَاطَى عَنْهُ أُمُورَ الْوَقْفِ وَلَمْ يَشْرِطْ لَهُ أُجْرَةً عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاطَى زَيْدٌ ذَلِكَ مُدَّةً فَهَلْ لَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَا أَجْرَ لِلْوَكِيلِ إلَّا بِالشَّرْطِ أَشْبَاهٌ مِنْ الْأَمَانَاتِ وَفِيهِ الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيَّ وَالنَّاظِرَ فَيَسْتَحِقَّانِ بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَا إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِالْعَمَلِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ بَعْدَ قَبْضِهَا وَلَمْ يُوجَدْ فَهَلْ لَا يَضْمَنُهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ. (أَقُولُ) هَكَذَا أُطْلِقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَوَقَعَ فِيهَا كَلَامٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ قَاضِيَ خَانْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا أَخَذَ غَلَّاتِ الْمَسْجِدِ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ مُسْتَحَقَّةً لِقَوْمٍ بِالشَّرْطِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ اتِّفَاقِ كَلِمَتِهِمْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ وَقْفًا عَلَى أَخَوَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَبَضَ الْحَاضِرُ غَلَّتَهَا تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ الْحَاضِرُ وَتَرَكَ وَصِيًّا ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَالَبَ الْوَصِيَّ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْغَلَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إذَا كَانَ الْحَاضِرُ الَّذِي قَبَضَ الْغَلَّةَ هُوَ الْقَيِّمُ عَلَى هَذَا الْوَقْفِ كَانَ لِلْغَائِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْغَلَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْقَيِّمُ إلَّا أَنَّ الْأَخَوَيْنِ آجَرَا جَمِيعًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ آجَرَ الْحَاضِرُ كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لَهُ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَطِيبُ. اهـ.
كَلَامُهُ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِمْ غَلَّةُ الْوَقْفِ وَمَا قَبَضَ فِي يَدِ النَّاظِرِ لَيْسَ غَلَّةَ الْوَقْفِ بَلْ هُوَ مَالُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالشَّرْطِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ وَغَلَّةُ الْوَقْفِ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ. اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِغَلَّةِ الْمَسْجِدِ مَا إذَا شَرَطَ تَرْكَ شَيْءٍ فِي يَدِ النَّاظِرِ لِلْعِمَارَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا حَرَّرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الثَّانِي أَنَّ الْإِمَامَ الطَّرَسُوسِيَّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ذَكَرَ بَحْثًا أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا طَالَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ ثُمَّ مَاتَ بِلَا بَيَانٍ أَمَّا إذَا لَمْ يُطَالِبْ فَإِنْ مَحْمُودًا مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ عَلَى تَقْيِيدِ ضَمَانِهِ بِالطَّلَبِ أَيْ فَلَا يَضْمَنُ بِدُونِهِ أَمَّا بِهِ فَيَضْمَنُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا بِالْمَنْعِ لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ صَالِحٌ فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمُسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ مُجْهِلًا فَقَدْ ظَلَمَ وَقَيَّدَهُ بَحْثًا بِمَا إذَا لَمْ يَمُتْ فَجْأَةً أَمَّا إذَا مَاتَ عَلَى غَفْلَةٍ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَأَقَرَّهُ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ أَنَّ عَدَمَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيَانِ لَوْ مَاتَ فَجْأَةً إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ مَاتَ عَقِبَ قَبْضِهِ الْغَلَّةَ تَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا قَبَضَ غَلَّةَ الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ مُجْهِلًا بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا صَنَعَ بِهَا لَا يَضْمَنُهَا فِي تَرِكَتِهِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ أَغْلَبِ عِبَارَاتِهِمْ وَلَا كَلَامَ فِي ضَمَانِهِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ وَلَا فِي عَدَمِ ضَمَانِهِ لَوْ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِمَسْجِدٍ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ غَلَّةَ وَقْفٍ لَهَا مُسْتَحِقُّونَ مَالِكُونَ لَهَا هَلْ يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِ قَاضِي خَانْ أَوْ إذَا كَانَ غَيْرَ مَحْمُودٍ وَلَا مَعْرُوفٍ بِالْأَمَانَةِ كَمَا بَحَثَهُ الطَّرَسُوسِيُّ أَوْ إذَا كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ مَرَضٍ لَا فَجْأَةً كَمَا بَحَثَهُ فِي الزَّوَاهِرِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا فِي عَيْنِ الْوَقْفِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا.
(سُئِلَ) فِي مَبْلَغٍ مِنْ النُّقُودِ مَوْقُوفٍ مِنْ قِبَلِ وَاقِفِهِ زَيْدٍ عَلَى عُتَقَائِهِ مَحْكُومٍ بِصِحَّتِهِ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ نَاظِرَةٍ عَلَيْهِ فَمَاتَتْ عَنْ تَرِكَةٍ مُجْهِلَةً لَهُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهَا هَلْ تَضْمَنُهُ فِي تَرِكَتِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ النَّاظِرُ لَوْ مَاتَ مُجْهِلًا لِمَالِ الْبَدَلِ ضَمِنَهُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ أَيْ لِثَمَنِ الْأَرْضِ الْمُسْتَبْدَلَةِ قُلْت فَلِعَيْنِ الْوَقْفِ بِالْأَوْلَى كَالدَّرَاهِمِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ التَّنْوِيرِ وَأَقَرَّهُ ابْنُهُ فِي الزَّوَاهِرِ. اهـ.
عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِيدَاعِ.
(سُئِلَ) فِي دَيْرٍ لَهُ أَوْقَافٌ تَحْتَ يَدِ رَاهِبِهِ النَّاظِرِ الشَّرْعِيِّ فَهَلَكَ النَّاظِرُ وَعَيْنُ غَلَّةِ الْأَوْقَافِ مَوْجُودَةٌ تَحْتَ يَدِهِ وَلِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ تَشْهَدُ عَلَى كَوْنِ عَيْنِ الْغَلَّةِ الْمَوْجُودَةِ مُخْتَصَّةً بِالْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ فَهَلْ إذَا أَقَامَهَا تُقْبَلُ وَتُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهَا الْمَعْلُومَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُقَرَّرًا فِي وَظَائِفَ عَمَلٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى إمَامَةٍ وَتَوْلِيَةٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ وَظَائِفِ الْعَمَلِ بِمَالِهَا مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ فِي زَاوِيَةٍ بِمُوجَبِ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ بِيَدِهِ وَبَاشَرَ ذَلِكَ مُدَّةً ثُمَّ عُزِلَ عَنْ نِصْفِ الْوَظَائِفِ الْمَزْبُورَةِ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ بَعْدَ مُبَاشَرَتِهِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْمَعْلُومِ بِحِسَابِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَأَنْفَعِ الْوَسَائِلِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ عَقَارَاتِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ فَزَعَمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ مُقَرَّرٌ فِي وَظِيفَتَيْ عَمَلٍ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِذِكْرِهِمَا فِي بَرَاءَةٍ بِيَدِهِ وَيُطَالِبُ مُتَوَلِّيَ الْوَقْفِ بِمَعْلُومِهِمَا عَنْ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ الْوَظِيفَتَيْنِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ أَصْلًا وَالْمُتَوَلِّي يُنْكِرُ وُجُودَ الْوَظِيفَتَيْنِ فِي الْوَقْفِ فَهَلْ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِمَا لَا يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَهُمَا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي الْبَحْرِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا مَنْ بَاشَرَ الْعَمَلَ وَفِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ اغْتَرَّ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي زَمَانِنَا فَاسْتَبَاحُوا مَعَالِيمَ الْوَظَائِفِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ. اهـ.
وَمَرَّ تَمَامُهُ وَفِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ مَعَ الْيَمِينِ فِي عَدَمِ وُصُولِ الْمَعْلُومِ لِأَبِيهِمْ وَلَهُمْ أَخْذُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إذَا ثَبَتَتْ الْوَظِيفَةُ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِذَا أَنْكَرَ النَّاظِرُ مُبَاشَرَةَ الْمُوَرِّثِ الْوَظِيفَةَ الْمَذْكُورَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ فِي الْمُبَاشَرَةِ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ مُوَرِّثِهِمْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْمُبَاشَرَةِ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَكَذَا وَرَثَتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
(فَائِدَةٌ):
أَفْتَى عَلَّامَةُ الْوُجُودِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مُفْتِي السَّلْطَنَةِ السُّلَيْمَانِيَّة بِأَنَّ أَوْقَافَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ لَا يُرَاعَى شَرْطُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ تَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ قَاعِدَةِ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَذَكَرَ السُّيُوطِيّ فِي رِسَالَةِ النَّقْلِ الْمَسْتُورِ فِي جَوَازِ قَبْضِ الْمَعْلُومِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ بِأَنَّهُ أَفْتَى جَمِيعُ عُلَمَاءِ ذَلِكَ الْعَصْرِ كَالسُّبْكِيِّ وَوَلَدَيْهِ وَالزَّمْلَكانِيِّ وَابْنِ عَدْلَانَ وَابْنِ الْمُرَحَّلِ وَابْنِ جَمَاعَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ هَذِهِ إرْصَادَاتٌ لَا أَوْقَافٌ حَقِيقَةً فَلِلْعُلَمَاءِ الْمُنْزَلِينَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرُوا وَظَائِفَهُمْ. اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ مَا يَأْخُذُهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْمَدَارِسِ لَا أُجْرَةَ لِعَدَمِ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ وَلَا صَدَقَةَ؛ لِأَنَّ الْغَنِيَّ يَأْخُذُهَا بَلْ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى حَبْسِ أَنْفُسِهِمْ لِلِاشْتِغَالِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْضُرُوا الدَّرْسِ بِسَبَبِ اشْتِغَالٍ أَوْ تَعْلِيقٍ جَازَ أَخْذُهُمْ الْجَامِكِيَّةَ مُعِينُ الْمُفْتِي مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاؤُنَا أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي دِيوَانِ الْخَرَاجِ كَالْمُقَاتِلَةِ وَالْعُلَمَاءِ وَطَلَبَتِهِمْ وَالْمُفْتِينَ وَالْفُقَهَاءِ يُفْرَضُ لِأَوْلَادِهِمْ تَبَعًا وَلَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْأَصْلِ تَرْغِيبًا وَذَكَرَ فِي مَالِ الْفَتَاوَى أَنَّ لِكُلِّ قَارِئٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ إنْ أَخَذَهَا فِي الدُّنْيَا وَإِلَّا يَأْخُذْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ رِسَالَةِ السَّيِّدِ أَحْمَدَ الْحَمَوِيِّ فِيمَا رَتَّبَ وَأَرْصَدَ بِأَوَامِرِ الْوُزَرَاءِ الْمِصْرِيِّينَ قَالَ مَوْلَانَا الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ الْخِزَانَةِ نَاقِلًا عَنْ مَبْسُوطِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ بِنَصٍّ وَإِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ وَظِيفَةٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَاعْتِزَازِ الْإِسْلَامِ كَأُجَرَاءِ الْإِمَامَةِ وَالتَّأْذِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَلِلْمَيِّتِ أَبْنَاءٌ يُرَاعُونَ وَيُقِيمُونَ حَقَّ الشَّرْعِ وَإِعْزَازَ الْإِسْلَامِ كَمَا يُرَاعِي وَيُقِيمُ الْأَبُ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ وَظِيفَةَ الْأَبِ لِأَبْنَاءِ الْمَيِّتِ لَا لِغَيْرِهِمْ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الشَّرْعِ وَانْجِبَارِ كَسْرِ قُلُوبِهِمْ وَالْإِمَامُ مُرَبِّي فَخَلَفَ الْمَوْتَى بِإِذْنِ الشَّرْعِ وَالشَّرْعُ أَمَرَ بِإِبْقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ لِأَبْنَاءِ الْمَيِّتِ لَا غَيْرِهِمْ. اهـ.
قُلْت هَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا هُوَ عُرْفُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَمِصْرَ وَالرُّومِ الْمَعْمُورَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ إبْقَاءِ أَبْنَاءِ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانُوا صِغَارًا عَلَى وَظَائِفِ آبَائِهِمْ مُطْلَقًا مِنْ إمَامَةٍ وَخَطَابَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِمْضَاءِ وَلِيِّ التَّقْرِيرِ الْفَرَاغَ لَهُمْ بِذَلِكَ وَتَقْرِيرِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ عُرْفًا مَرْضِيًّا مَقْبُولًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءَ خَلَفِ الْعُلَمَاءِ وَمُسَاعَدَتَهُمْ عَلَى بَذْلِ الْجَهْدِ فِي الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَقَدْ أَفْتَى بِجَوَازِ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَكَابِرِ الْفُضَلَاءِ الَّذِينَ يُعَوَّلُ عَلَى إفْتَائِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِيرِيٌّ زَادَهْ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِوَاقِفِ وَقْفٍ ذُرِّيَّةٌ يَصْلُحُونَ لِلتَّوْلِيَةِ فَهَلْ يُوَلَّى أَحَدٌ مِنْ الْأَجَانِبِ مَعَ وُجُودِ الذُّرِّيَّةِ؟
(الْجَوَابُ): مَا دَامَ أَحَدٌ يَصْلُحُ لِلتَّوْلِيَةِ مِنْ أَقَارِبِ الْوَاقِفِ لَا يُجْعَلُ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْأَجَانِبِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُقَرَّرًا مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فِي وَظِيفَةِ قِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَهُوَ مُبَاشِرٌ لَهَا وَمُتَصَرِّفٌ فِي مَعْلُومِهَا فَأَنْهَى عَمْرٌو لِلْقَاضِي أَنَّهَا شَاغِرَةٌ عَنْ مُبَاشِرٍ فَقَرَّرَهَا عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى إنْهَائِهِ الْمُخَالِفِ فَهَلْ لَا عِبْرَةَ لِلْإِنْهَاءِ الْمُخَالِفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَفِي الْأَشْبَاهِ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ. اهـ.
وَفِي الْخَيْرِيَّةِ فِي رَجُلٍ عُزِلَ عَنْ وَظِيفَتِهِ بِجُنْحَةٍ وَوَلِيَ رَجُلٌ غَيْرُهُ شَهِدَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ بِعَدَالَتِهِ وَعِفَّتِهِ ثُمَّ وَلِيَ الْأَوَّلُ بِإِنْهَاءِ مَا هُوَ غَيْرُ الْوَاقِعِ وَعُزِلَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِغَيْرِ جُنْحَةٍ هَلْ يَنْعَزِلُ أَوْ لَا وَلِلْقَاضِي إبْقَاؤُهُ عَلَى التَّوْلِيَةِ أَجَابَ قَدْ صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَزْلُ النَّاظِرِ وَلَا عَزْلُ صَاحِبِ وَظِيفَةٍ مَا بِغَيْرِ جُنْحَةٍ وَلِلْقَاضِي إبْقَاؤُهُ عَلَى وَظِيفَتِهِ. اهـ.
وَفِيهَا فِي رَجُلٍ مَاتَ فَقَرَّرَ الْقَاضِي فِي وَظَائِفِهِ جَمَاعَةً ثُمَّ إنَّ رَجُلًا أَنْهَى إلَى السُّلْطَانِ أَمْرَ الْمَيِّتِ فَقَرَّرَهُ فِي وَظَائِفِهِ بِنَاءً عَلَى شُغُورِهَا بِالْمَوْتِ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَقْرِيرِ الْقَاضِي السَّابِقِ فَهَلْ الْعِبْرَةُ لِتَقْرِيرِ الْقَاضِي أَمْ لِتَقْرِيرِ السُّلْطَانِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا قَرَّرَهُ بِنَاءً عَلَى مَا أُنْهِيَ إلَيْهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَا فَعَلَ الْقَاضِي أَجَابَ الْعِبْرَةُ لِتَقْرِيرِ الْقَاضِي لَا لِتَقْرِيرِ السُّلْطَانِ بِنَاءً عَلَى مَا أُنْهِيَ إلَيْهِ كَمَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ إذَا أَنْجَزَ مَا وُكِّلَ فِيهِ ثُمَّ فَعَلَهُ الْمُوَكِّلُ خُصُوصًا لَمْ يُوجَدْ مِنْ السُّلْطَانِ تَنْصِيصٌ عَلَى عَزْلِ الْمُقَرَّرِ فَالصَّادِرُ مِنْهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرٍ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَلَا يَصِحُّ. اهـ.
وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي عَزْلُ النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ بِلَا خِيَانَةٍ وَلَوْ عَزَلَهُ لَا يَصِيرُ الثَّانِي مُتَوَلِّيًا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ لَكِنْ قَالَ بِيرِيٌّ زَادَهْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ لِلْوَقْفِ.
أَمَّا إذَا كَانَ عَزْلُهُ خَيْرًا لِلْوَقْفِ عَزَلَهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ إعْطَاءِ النَّظَرِ لِغَيْرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ إذَا قَبِلَهُ بِلَا أَجْرٍ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْمَشْرُوطِ لَهُ مِنْ قَبُولِ ذَلِكَ إلَّا بِأَجْرٍ لَمْ يُشْرَطْ فِي الْوَقْفِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ نَفْعُ الْوَقْفِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ فِيمَا يَأْتِي وَيَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ فِي الْوَقْفِ بِمَا هُوَ الْأَنْفَعُ وَالْأَصْلَحُ لِلْوَقْفِ كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَرَأَيْت فِي الذَّخِيرَةِ مَا نَصُّهُ وَيَخْتَارُ فِي الْوَقْفِ مَا هُوَ الْأَنْفَعُ وَالْأَصْلَحُ لِلْوَقْفِ. اهـ.
ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ رَأَيْت مَا يُؤَيِّدُ مَا نَقَلْته قَالَ فِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ نَاقِلًا عَنْ وَقْفِ الْأَنْصَارِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَتَوَلَّى مِنْ جِيرَانِ الْوَقْفِ وَقَرَابَتِهِ إلَّا بِرِزْقٍ وَيَفْعَلُ وَاحِدٌ غَيْرُهُمْ بِغَيْرِ رِزْقٍ قَالَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ وَالْأَحْسَنُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى نَاظِرُ وَقْفٍ عَلَى رَجُلٍ بِأَنَّ تَقْرِيرَهُ فِي قِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ مُحْدَثٌ أَحْدَثَهُ النَّاظِرُ الَّذِي قَبْلَهُ وَأَنَّهُ غَيْرُ شَرْعِيٍّ لِعَدَمِ مَشْرُوطِيَّةِ التَّوْجِيهِ لَهُ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ الْإِحْدَاثُ وَعَدَمُ مَشْرُوطِيَّةِ التَّوْجِيهِ لَهُ يُعْمَلُ بِتَقْرِيرِهِ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): إذَا ثَبَتَ الْإِحْدَاثُ لَا يُعْمَلُ بِتَقْرِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ الْإِحْدَاثُ بِدُونِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ فَكَيْفَ الْمُتَوَلِّي وَقَدْ صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا بِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَرَّرَ فَرَّاشًا لِلْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ لَمْ يَحِلَّ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَلَمْ يَحِلَّ لِلْفَرَّاشِ تَنَاوُلُ الْمَعْلُومِ. اهـ.
وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا لِلْمُتَوَلِّي تَوْجِيهُ الْوَظَائِفِ فَتَوْجِيهُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ تَقْرِيرَ الْوَظَائِفِ لِلْقَاضِي لَا لِلْمُتَوَلِّي الَّذِي لَمْ يَشْرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى. (أَقُولُ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ مُقَيَّدُ بِالْمَصْلَحَةِ فَلَوْ فَعَلَ مَا يُخَالِفُ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ ظَاهِرَةِ ثُمَّ نَقَلَ مَا مَرَّ عَنْ الذَّخِيرَةِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت فِي تَقْرِيرِ الْفَرَّاشِ مَصْلَحَةٌ قُلْت يُمْكِنُ خِدْمَةُ الْمَسْجِدِ بِدُونِ تَقْرِيرِهِ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ الْمُتَوَلِّي فَرَّاشًا لَهُ وَالْمَمْنُوعُ تَقْرِيرُهُ فِي وَظِيفَةٍ تَكُونُ حَقًّا لَهُ وَلِذَا صَرَّحَ قَاضِي خَانْ بِأَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَأْجِرَ خَادِمًا لِلْمَسْجِدِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي فِي بَقِيَّةِ الْوَظَائِفِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ كَشَهَادَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ وَطَلَبٍ بِالْأَوْلَى وَحُرْمَةُ الْمُرَتَّبَاتِ بِالْأَوْقَافِ بِالْأَوْلَى. اهـ.
كَلَامُ الْبَحْرِ فَتَدَبَّرْ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ أَوْقَافِ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى شُرُوطُهَا كَمَا مَرَّ قَرِيبًا عَنْ الْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلٌ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ بِرٍّ وَجَعَلَ فِيهِ وَظَائِفَ وَشَرَطَ تَوْجِيهَهَا وَتَقْرِيرَهَا لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَعَرَضَهُ لِطَرَفِ الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ فَفَرَغَ زَيْدٌ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِعَمْرٍو بِمُوجَبِ تَقْرِيرِ قَاضٍ وَبَرَاءَةٍ عَسْكَرِيَّةٍ فَوَجَّهَهَا مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْمَشْرُوطُ لَهُ ذَلِكَ لِبَكْرٍ وَعَرَضَ بِذَلِكَ لِلدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ فَوَجَّهَهَا السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ لِبَكْرٍ الْمَزْبُورِ وَصَدَرَ أَمْرٌ شَرِيفٌ بِعَدَمِ الْعَمَلِ بِالتَّقْرِيرِ الْمَذْكُورِ وَالْبَرَاءَةِ الْعَسْكَرِيَّةِ الْمَرْقُومَةِ فَقَامَ عَمْرٌو يُعَارِضُ بَكْرًا فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ وَيَعْمَلُ بِتَوْجِيهِ الْمُتَوَلِّي وَالْأَمْرِ الشَّرِيفِ السُّلْطَانِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ سُئِلَ فِي وَاقِفِ نَصٍّ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ عَلَى أَنَّ تَقْرِيرَ الْوَظَائِفِ لِلنَّاظِرِ فَهَلْ يَكُونُ التَّقْرِيرُ لَهُ فَأَجَابَ وِلَايَةُ الْقَاضِي فِي تَقْرِيرِ الْوَظَائِفِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ التَّقْرِيرُ مِنْ الْوَاقِفِ فَلَا يَصِحُّ تَقْرِيرُ الْقَاضِي مَعَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ نَاظِرًا عَلَى وَقْفِ أَجْدَادِهِ فَفَرَغَ عَنْ النَّظَرِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِعَمْرٍو الْمُسْتَحِقِّ فِي الْوَقْفِ الْأَهْلِ لِذَلِكَ لَدَى قَاضٍ قَرَّرَهُ فِي ذَلِكَ قَامَ بَعْضُ الْمُسْتَحَقِّينَ الْآنَ يُعَارِضُ عَمْرًا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قُرِّرَ فِي الْوَظِيفَةِ عَنْ مَحْلُولِ زَيْدٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَهَلْ يُقَدَّمُ التَّفْوِيضُ وَيُمْنَعُ الْمُعَارِضُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ الْقَاطِنُ بِبَلْدَةِ كَذَا عَقَارَاتٍ لَهُ بَعْضُهَا فِي بَلْدَتِهِ الْمَزْبُورَةِ وَبَعْضُهَا فِي دِمَشْقَ وَشَرَطَ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ لِذُرِّيَّتِهِ فَتَوَلَّوْا كَذَلِكَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَمِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ يُقِيمُونَ مَقَامَهُمْ رَجُلًا فِي تَوْلِيَةِ الْوَقْفِ الْكَائِنِ بِدِمَشْقَ وَهُمْ فِي بَلْدَةِ جَدِّهِمْ بَعْدَ أَنْ يُنْهُوا وَيَعْرِضُوا أَمْرَهُمْ لِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ وَيَلْتَمِسُوا مِنْهُ نَصْبَ الرَّجُلِ فِيمَا ذُكِرَ فَيُنَصِّبَهُ بِمُوجَبِ بَرَاءَةٍ شَرِيفَةٍ فَتَوَلَّى وَقْفَ دِمَشْقَ رَجُلٌ بِمُوجَبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ بِعَرْضِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ الْمُقِيمِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَقَرَّرَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ بِدِمَشْقَ عَلَى مَا ذُكِرَ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أُمُورُ الْوَقْفِ وَصَارَ الرَّجُلُ يُبَاشِرُ أُمُورَ الْوَقْفِ بِدِمَشْقَ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ لِلنَّاظِرِ التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ وَحَيْثُ عَرَضَ الْمُتَوَلِّي الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ لِلسُّلْطَانِ دَامَ مُلْكُهُ أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ مُتَوَلِّيًا عَلَى الْوَقْفِ الَّذِي بِدِمَشْقَ فَأَقَامَهُ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ فَقَدْ صَارَ مُتَوَلِّيًا عَلَى الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْمَشْرُوطِ لَهُ بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ وَهِيَ جَعْلُ غَيْرِ الْمَنْطُوقِ مَنْطُوقًا تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ وَصَوْنًا لَهُ عَنْ الْإِلْغَاءِ فَيَكُونُ عَرْضُ الْمُتَوَلِّي الْمَشْرُوطِ لَهُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك فِي إقَامَتِهِ عَنِّي فِي ذَلِكَ وَقَدْ مَثَّلَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي التَّوْضِيحِ لِلِاقْتِضَاءِ بِنَحْوِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنِّي بِأَلْفٍ وَكُنْ وَكِيلًا فِي الْإِعْتَاقِ فَتَصَرُّفُ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ قَرَّرَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ لِكَوْنِ النَّاظِرِ غَائِبًا صَوْنًا لِلْوَقْفِ عَنْ الضَّيَاعِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ لِغَائِبٍ أَقَامَ الْقَاضِي مَقَامَهُ رَجُلًا إلَى أَنْ يَقْدَمَ فَإِذَا قَدِمَ تُرَدُّ إلَيْهِ. اهـ.
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ غَابَ وَتَرَكَ الْوَقْفَ بِلَا وَكِيلٍ يُبَاشِرُ عَنْهُ وَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُ الْوَقْفِ لِعَدَمِ نَاظِرٍ يُبَاشِرُهَا فَهَلْ لِلْقَاضِي إقَامَةُ قَيِّمٍ عَلَى الْوَقْفِ بِغَيْبَةِ نَاظِرِهِ إلَى أَنْ يَقْدَمَ وَيَسُوغُ لِلْقَيِّمِ التَّصَرُّفُ السَّابِقُ لِلنَّاظِرِ الْمُقَامِ هُوَ مَقَامَهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ نَقْلًا عَنْ الْإِسْعَافِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا صَدَّقَ نَاظِرُ الْوَقْفِ لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ عَلَى الْوَقْفِ وَأَقَرَّ لَهُ بِهِ هَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): إقْرَارُهُ عَلَى الْوَقْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَ فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَنْفُذُ إقْرَارُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ. اهـ.
وَفِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ إقْرَارُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ لَا يَصِحُّ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَالتَّصَادُقُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْهُ عَلَى الْوَقْفِ وَإِقْرَارُ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ. اهـ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ، نُكُولُ النَّاظِرِ وَإِقْرَارُهُ عَلَى الْوَقْفِ لَا يَصِحُّ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ النَّاظِرُ أَنَّهُ مُوَاصِلٌ مِنْ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ دَارِ الْوَقْفِ الْجَارِيَةِ فِي تَوَاجِرِهِ فِيمَا مَضَى إلَى سَنَةِ كَذَا فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُنْحَصِرٍ رَيْعُهُ فِيهِ وَفِي جَمَاعَةٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ بِأَنَّ هِنْدًا الْأَجْنَبِيَّةَ تَسْتَحِقُّ مِنْ رَيْعِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَهُمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ فَهَلْ إقْرَارُ النَّاظِرِ لَا يَسْرِي عَلَى الْجَمَاعَةِ وَلَيْسَ لَهُ اقْتِطَاعُ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِمْ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ عَلَى زَيْدٍ مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ آخَرَ وَقَفَهُ عَمْرٌو بِأَنَّ وَقْفَ عَمْرٍو جَارٍ فِي وَقْفِ الْبِرِّ الْمَزْبُورِ فَأَقَرَّ زَيْدٌ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ نَاظِرُ وَقْفٍ بِأَنَّ مُسْتَأْجِرَ حَانُوتِ الْوَقْفِ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْحَانُوتِ الْمَزْبُورَةِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ صَرَفَهُ فِي تَعْمِيرِهَا وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ عَلَى الْوَقْفِ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْعِمَادِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ فِي الْوَقْفِ أَنَّ فُلَانًا يَسْتَحِقُّهُ دُونَهُ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرَّيْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ صَحَّ وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ عَلَى هَذَا. اهـ.
وَذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ فِي مَوَاضِعَ. (أَقُولُ) وَمَرَّ الْكَلَامُ مُسْتَوْفًى عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ دَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى بَنَاتِهِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ وَثُمَّ وَشَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ تَصَادَقَ مَعَ أَخَوَيْهِ عَلَى أَنَّ مَسْكَنًا مُعَيَّنًا مِنْهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ مَاتَ عَنْ بَنَاتِهِ الْمَزْبُورَاتِ وَيُرِيدُ أَخَوَاهُ أَخْذَ حِصَّتِهِمَا مِنْ الْمَسْكَنِ بِمُقْتَضَى الْمُصَادَقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِقْرَارِ أَخِيهِمَا بِذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِهِ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ إلَى وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْهُ وَاعْتَرَفَ نَاظِرُ الْوَقْفِ بِذَلِكَ وَتَصَرَّفَ النُّظَّارُ وَالنَّاظِرُ الْمُعْتَرِفُ بِذَلِكَ وَالْآنَ أَنْكَرَ النَّاظِرُ الْمُعْتَرِفُ أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ ذَلِكَ فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ وَلَا عِبْرَةَ لِإِنْكَارِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ الْمُوَافِقِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا عِبْرَةَ لِإِنْكَارِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ نَظَرَ وَقْفِهِ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَتَوَلَّى الْأَرْشَدُ مِنْهُمْ نَظَرَ الْوَقْفِ وَثَبَتَتْ أَرْشَدِيَّتُهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ فَرَغَ فِي صِحَّتِهِ عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ الْمَزْبُورِ لِبَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّفْوِيضُ عَامًا فَهَلْ يَكُونُ الْفَرَاغُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِي رَجُلٍ آلَ إلَيْهِ النَّظَرُ الشَّرْعِيُّ عَلَى وَقْفِ جَدِّهِ وَقَدْ ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَحَدَّثَ عَنْهُ عَلَى الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ أَمْ لَا وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْزِلَ لِأَحَدٍ عَنْ النَّظَرِ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْكَمَالِ الْقَادِرِيِّ نَعَمْ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ وَلَا يَصِحُّ نُزُولُهُ عَنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ وَوَافَقَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَنْبَلِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ الْمَالِكِيُّ وَالْحَنَفِيُّ فَتَاوَى الطَّرَابُلْسِيِّ مِنْ الْوَقْفِ جَمَعَ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ الشَّهِيرُ بِالشَّلَبِيِّ.
(أَقُولُ) وَفِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ نَظِيرِ سُؤَالِنَا الْمَذْكُورِ وَفِيهِ اشْتِرَاطُ الْأَرْشَدِيَّةِ مَا نَصُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ الْمَفْرُوغُ لَهَا مُعَادِلَةً لِلْمَرْأَةِ الْفَارِغَةِ فِي الْأَرْشَدِيَّةِ وَفِي كَوْنِهَا مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ لَا يَصِحُّ فَرَاغُهَا لَهَا وَلَا تَقْرِيرُهَا فِي النَّظَرِ وَإِنْ عَزَلَتْ نَفْسَهَا لَمْ تَنْعَزِلْ وَلَهَا الطَّلَبُ بَعْدَ الْعَزْلِ. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَفْرُوغَ لَهُ لَوْ سَاوَى الْفَارِغَ فِي الْأَرْشَدِيَّةِ وَفِي كَوْنِهِ مِنْ الذُّرِّيَّةِ يَصِحُّ الْفَرَاغُ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّاظِرَ إنَّمَا يَصِحُّ تَفْوِيضُهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَأَمَّا فِي الْحَيَاةِ فَلَا إلَّا إذَا شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.
ثُمَّ نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ مَا نَصُّهُ سُئِلَ فِيمَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِلْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَمَاتَ فَنَصَّبَ الْقَاضِي أَحَدَهُمْ نَاظِرًا وَالْحَالَةُ أَنَّهُ صَبِيٌّ وَالْأَرْشَدُ فِيهِمْ امْرَأَةٌ هَلْ تَسْتَحِقُّ النَّظَرَ الْآنَ دُونَهُ أَوْ لَا أَجَابَ حَيْثُ انْتَظَمَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ الْمُعَرَّفُ فَاللَّامُ الْجِنْسِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَفْتَى بِهِ شَمِلَ الْمَرْأَةَ الرَّشِيدَةَ فَتَسْتَحِقُّ النَّظَرَ وَحْدَهَا إنْ لَمْ يُسَاوِهَا أَحَدٌ فِي الرُّشْدِ الْمَذْكُورِ أَوْ مَعَهُ وَالرُّشْدُ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ كَوْنُهُ مُصْلِحًا فِي مَالِهِ فَقَطْ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِيهِ إنَّ الظَّاهِرَ صَلَاحُ الْمَالِ وَهُوَ حُسْنُ التَّصَرُّفِ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرُّشْدَ بِالْمَعْنَى الْأَخِيرِ يَقِلُّ فِي الصَّبِيِّ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَثْبَتَ زَيْدٌ فِي وَجْهِ عَمْرٍو أَنَّهُ أَرْشَدُ مِنْهُ فِي نَظَرِ أَوْقَافِ أَجْدَادِهِمَا بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُزَكَّاةِ وَقَرَّرَ فِي النَّظَرِ عَنْ رَفْعِ عَمْرٍو بَعْدَ اعْتِرَافِهِمَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِينَ الْأَرْشَدِيَّةَ ثُمَّ ادَّعَى عَمْرٌو الْآنَ أَنَّهُ أَرْشَدُ مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ أَثْبَتَ زَيْدٌ أَرْشَدِيَّتَهُ فِي وَجْهِ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ الْمُزَكَّاةِ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا وَقُرِّرَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ بَعْدَهُ مَا يُوجِبُ عَزْلَهُ يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إذَا ثَبَتَ لِوَاحِدٍ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يَتَعَدَّهُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَضَاءِ: الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَا تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ النِّتَاجِ أَوْ بَرْهَنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ. اهـ.
وَفِيهِ أَيْضًا مِنْهُ أَيُّ بَيِّنَةٍ سَبَقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى. اهـ.
وَفِي الْكَافِي الشَّهَادَةُ إذَا تَضَمَّنَتْ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ. اهـ.
وَالدَّعْوَى مَتَى فُصِلَتْ مَرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ وَفِي حَاوِي السُّيُوطِيّ مِنْ الْوَقْفِ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ بِصِيغَةِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ كَالْأَصْلَحِ وَالْأَرْشَدِ وَثَبَتَتْ الْأَرْشَدِيَّةُ وَالْأَصْلَحِيَّةُ لِوَاحِدٍ وَحُكِمَ لَهُ ثُمَّ وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ صَارَ أَصْلَحَ أَوْ أَرْشَدَ لَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَنْ فِيهِ هَذَا الْوَصْفُ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الْأَثْنَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَقِرَّ نَظَرٌ لِأَحَدٍ. اهـ.
(أَقُولُ) تَقَدَّمَتْ عِبَارَةُ السُّيُوطِيّ بِأَبْسَطَ مِنْ ذَلِكَ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ وَكَتَبْنَا عَقِبَهَا عَنْ الْبَحْرِ وَالْخَصَّافِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ إذَا صَارَ الْمَفْضُولُ أَفْضَلَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَرَ النَّقْلَ فِي مَذْهَبِهِ حَتَّى عَدَلَ إلَى مَذْهَبِ الْغَيْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَذْهَبًا لَا يَقْضِي عَلَى مَذْهَبٍ وَوَجْهُ مَذْهَبِنَا وَهُوَ الْأَعْدَلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى مَا مَرَّ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ الَّذِي هُوَ كَنَصِّ الشَّارِعِ فِيمَا لَوْ أَثْبَتَتْ امْرَأَةٌ مَثَلًا أَرْشَدِيَّةً عَلَى صَبِيٍّ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَصَارَ عَالِمًا عَارِفًا بِأُمُورِ الْوَقْفِ يُبَاشِرُهَا بِنَفْسِهِ قَادِرًا عَلَى تَحْصِيلِ غَلَّاتِهِ تَقِيًّا دَيِّنًا أَفْضَلَ مِنْهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهَا أَحَقُّ مِنْهُ وَلَا تُعْزَلُ وَأَمَّا كَوْنُهُ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذِهِ حَادِثَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ قُضِيَ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ عَجْزِهِ وَعَدَمِ رُشْدِهِ وَهَذِهِ حَادِثَةٌ أُخْرَى عَلَى أَنَّ مَا عَزَاهُ إلَى حَاوِي السُّيُوطِيّ قَدْ اعْتَمَدَ خِلَافَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ كَمَا رَأَيْته فِي فَتَاوِيه تَابِعًا فِي ذَلِكَ لِلرُّويَانِيِّ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ ثُمَّ نَقَلَ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ السُّبْكِيّ تَفْصِيلًا فَقَالَ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَرْشَدِيَّةِ زَيْدٍ ثُمَّ أَرَادَ آخَرُ أَنْ يُثْبِتَ أَرْشَدِيَّتَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَصُرَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا تَعَارَضَتَا ثُمَّ يُحْتَمَلُ سُقُوطُهُمَا وَيُحْتَمَلُ اشْتِرَاكُهُمَا وَإِنْ طَالَ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِالثَّانِيَةِ إنْ صَرَّحْت بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُتَجَدِّدٌ. اهـ.
وَبَيَانُ إجْرَاءِ هَذَا التَّفْصِيلِ عَلَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَشَهِدَتْ كُلٌّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِأَنَّ صَاحِبَهَا أَرْشَدُ اشْتَرَكَا؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يَنْتَظِمُ الْوَاحِدَ وَالْأَكْثَرَ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَصُرَ الزَّمَنُ فَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَنَا أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا وَسَبَقَ الْحُكْمُ بِإِحْدَاهُمَا لَغَتْ الثَّانِيَةُ وَأَمَّا إذَا طَالَ الزَّمَنُ فَكَذَلِكَ إلَّا إذَا شَهِدَتْ الثَّانِيَةُ بِأَنَّ صَاحِبَهَا صَارَ الْآنَ أَرْشَدَ مِنْ الْأَوَّلِ فَتُقْبَلُ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَظِيفَةُ أَذَانٍ فِي جَامِعِ كَذَا بِمَالِهَا مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُعَيَّنِ مِنْ وَقْفِ الْجَامِعِ بِمُوجَبِ تَقْرِيرِ قَاضٍ شَرْعِيٍّ فَفَرَغَ عَنْهَا لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ لِأَخَوَيْنِ قَرَّرَهُمَا فِيهَا وَأَعْطَاهُمَا حُجَّةَ تَقْرِيرٍ وَبَاشَرَاهَا مُدَّةً وَالْآنَ قَامَ عَمْرٌو يُعَارِضُهُمَا فِيهَا زَاعِمًا أَنَّ زَيْدًا صَاحِبَهَا الْأَوَّلَ كَانَ فَرَغَ لَهُ عَنْهَا قَبْلَهُمَا لَدَى جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ قَاضٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْفَرَاغُ الصَّادِرُ لِلْأَخَوَيْنِ فَقَطْ؟
(الْجَوَابُ): الْعِبْرَةُ لِلْفَرَاغِ الصَّادِرِ مِنْ زَيْدٍ لِلْأَخَوَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي الَّذِي قَرَّرَهُمَا فِي ذَلِكَ دُونَ مَا يَزْعُمُهُ عَمْرٌو مِنْ الْفَرَاغِ الْمَذْكُورِ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ فِيمَا يَسْقُطُ مِنْ الْحُقُوقِ بِالْإِسْقَاطِ مَا نَصُّهُ وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ وَظِيفَةٍ لَا يَسْقُطُ وَكَذَا مَنْ فَرَغَ عَنْ وَظِيفَةٍ وَلَمْ يَكُونَا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ قَاسِمًا فِي فَتَاوَاهُ أَفْتَى بِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالْفَرَاغِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَرِّرْ النَّاظِرُ الْمَنْزُولُ لَهُ وَلَمْ يَسْتَنِدْ إلَى نَقْلٍ وَخُولِفَ فِي ذَلِكَ. اهـ.
وَنَقَلَ ذَلِكَ السَّيِّدُ أَحْمَدُ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى زَيْدٍ تَيْمَارٌ فَفَرَغَ عَنْهُ لِعَمْرٍو بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهَا لِزَيْدٍ ثُمَّ إنَّ السُّلْطَانَ أَعَزّ اللَّهُ أَنْصَارَهُ لَمْ يَقْبَلْ فَرَاغَهُ وَقَرَّرَهُ وَأَبْقَاهُ عَلَى تَيْمَارِهِ كَمَا كَانَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ الرُّجُوعَ عَلَى زَيْدٍ بِمَبْلَغِ الْفَرَاغِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ فَهَلْ يَسُوغُ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ دَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فِي مُقَابَلَةِ التَّيْمَارِ الْمَزْبُورِ وَلَمْ يَقْبَلْ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ فَرَاغَهُ وَأَبْقَاهَا عَلَيْهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ فِي مَوَاضِعَ ثُمَّ قَالَ فِيهَا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْفَرَاغِ سَبَبٌ ضَعِيفٌ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْأَشْبَاهِ وَأَطَالَ فِيهَا الْمُحَشِّي.
(أَقُولُ) ظَاهِرُ تَقْيِيدِ الْمُؤَلِّفِ الرُّجُوعُ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لَوْ قَبِلَ السُّلْطَانُ فَرَاغَهُ وَقَرَّرَهُ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ وَأَنَّ الْعَلَّامَةَ نُورَ الدِّينِ عَلِيًّا الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى نَظْمِ الْكَنْزِ اسْتَخْرَجَ صِحَّةَ ذَلِكَ مِنْ فَرْعٍ ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ وَذَكَرَهُ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ أَفْتَى بِصِحَّةِ ذَلِكَ أَيْضًا وَحَاصِلُ مَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَأَفْتَى بِهِ مِرَارًا قَالَ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِجَوَازِهِ بَنَاهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ أَيْ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْوَظَائِفِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُجَرَّدٌ فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ. اهـ.
وَأَمَّا إذَا جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْمُجَازَاةِ عَلَى الصَّنِيعِ أَوْ لَحِقَهُ إبْرَاءٌ عَامٌّ أَوْ إبْرَاءٌ مِنْهُ خَاصَّةً فَلَا قَائِلَ بِالرُّجُوعِ. اهـ.
مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ مُلَخَّصًا ثُمَّ ذَكَرَ فِيهَا أَوَّلَ كِتَابِ الصُّلْحِ فَرْعًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ عَقِبَهُ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ جَوَازِ النُّزُولِ عَنْ التَّيْمَارَاتِ وَأَنَّ الْمَنْزُولَ لَهُ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ نُزُولُهُ عَزْلًا لِنَفْسِهِ إلَخْ وَرَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ أَفَنْدِي مُفْتِي السَّلْطَنَةِ مَا يُوَافِقُهُ وَنَصُّهُ بِالتُّرْكِيَّةِ (زَيْد بِرَجَا مَعْده خَطِيب أَوْ؛ لِأَنَّ عُمْره خَطَّابَتِي كندويه فَرَاغ أيتمك ايجون أيكوز غروش ويروب عمرو دخي خَطَّابَتِي زيده فارغ إيلسه زَيْد مبلغ مزبوري عمرو دن استرداده قادرا وَلَوْ رَمَى؟
(الْجَوَابُ): أولور ا هـ).
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا فَرَغَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَنْ وَظِيفَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهُ عَمْرٌو لَهُ ثُمَّ أَبْرَأَ زَيْدٌ إبْرَاءً عَامًّا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ يُرِيدُ عَمْرٌو الرُّجُوعَ بِبَدَلِ الْفَرَاغِ عَلَى زَيْدٍ مُتَعَلِّلًا بِعَدَمِ مَجِيءِ بَرَاءَةٍ لَهُ بِهَا وَأَنَّ الْغَيْرَ أَخَذَهَا فَهَلْ إذَا ثَبَتَ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ الْمَذْكُورُ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا فَرَغَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَنْ عَثَامِنَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي جَوَامِكِ الْعَسْكَرِيِّينَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَأَجَازَ ذَلِكَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَاتَ الْفَارِغُ عَنْ وَرَثَةٍ يُكَلِّفُونَ عَمْرًا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ أَنْ يَدْفَعَ لَهُمْ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ ثَمَنَ الْعَثَامِنَةِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ عَمْرًا ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا يَلْزَمُ عَمْرًا ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرٍ شَرْعِيٍّ عَلَى وَقْفٍ أَهْلِيٍّ سَافَرَ مِنْ دِمَشْقَ بَعْدَ أَنْ وَكَّلَ رَجُلًا مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ أَهْلًا لِلْقِيَامِ عَنْهُ بِمَصَالِحِهِ وَكَالَةً شَرْعِيَّةً عَامَّةً أَثْبَتَهَا نَفْسُ الْوَكِيلِ عَنْهُ بِمُوجَبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ تَقَدَّمَ الْوَكِيلُ إلَى الْحَاكِمِ وَأَنْهَى إلَيْهِ أَنَّ وَظِيفَةَ النَّظَرِ الْمَزْبُورَةَ شَاغِرَةٌ عَنْ مُبَاشِرٍ يُبَاشِرُهَا وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُقَرِّرَهُ فِيهَا لِشُغُورِهَا فَقَرَّرَهُ فِيهَا بِنَاءً عَلَى إنْهَائِهِ الْمُخَالِفَ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ وُجُودِ التَّوْكِيلِ الْمَزْبُورِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): لَا تُعَدُّ الْوَظِيفَةُ الْمَذْكُورَةُ شَاغِرَةً مَعَ وُجُودِ التَّوْكِيلِ سِيَّمَا وَالْمَنْهِيُّ هُوَ الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ السَّفَرِ لَا تَصِيرُ شَاغِرَةً وَحِينَئِذٍ فَالتَّقْرِيرُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْإِنْهَاءِ الْمُخَالِفِ لَمْ يُصَادِفْ الْمَحَلَّ الشَّرْعِيَّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُؤَذِّنًا وَكَنَّاسًا فِي مَسْجِدِ قَرْيَةٍ فَأَقَامَ عَمْرًا نَائِبًا عَنْهُ فِي ذَلِكَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَجَعَلَ لَهُ نَظِيرَ ذَلِكَ أُجْرَةً مَعْلُومَةً وَبَاشَرَهُمَا عَمْرٌو فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ وَيُرِيدُ مُطَالَبَتَهُ بِالْأُجْرَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَنَقْلُهَا فِي الْبَحْرِ وَالْخَيْرِيَّةِ. (أَقُولُ) ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ عَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ تَصِحُّ فِيمَا يَقْبَلُهَا كَالتَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ لَا فِيمَا لَا يَقْبَلُهَا كَطَلَبِ الْعِلْمِ وَإِقْرَائِهِ وَذَلِكَ بِشَرْطِ الْعُذْرِ الشَّرْعِيِّ وَكَوْنِ النَّائِبِ مِثْلَ الْأَصِيلِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ فَتَصِحُّ إلَى زَوَالِ الْعُذْرِ خَلَا أَنَّ الْمَعْلُومَ بِتَمَامِهِ يَكُونُ لِلنَّائِبِ لَيْسَ لِلْأَصِيلِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ النَّائِبُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَرِضًا كَامِلٍ لَا يَحُومُ حَوْلَهُ شَيْءٌ مِنْ الْخَوْفِ وَالْحَيَاءِ. اهـ.
وَأَقَرَّهُ الْبِيرِيُّ وَاَلَّذِي حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ أَنَّ النَّائِبَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْوَقْفِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّقْرِيرِ وَلَمْ يُوجَدْ وَيَسْتَحِقُّ الْأَصِيلُ الْكُلَّ إنْ عَمِلَ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَلَوْ عَيَّنَ الْأَصِيلُ لِلنَّائِبِ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ وَقَدْ وَفَّى الْعَمَلَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالتَّدْرِيسِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَصَرَّحَ الْخَصَّافُ بِأَنَّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ مِنْ مَعْلُومِهِ شَيْئًا وَكَذَا فِي الْإِسْعَافِ. اهـ.
وَبِهَذَا أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَلَعَلَّ مَحْمَلَ مَا مَرَّ عَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ مَا إذَا أَنَابَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أُجْرَةً وَلَمْ يَعْمَلْ الْأَصِيلُ أَكْثَرَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي الْوَظِيفَةِ قَدْ أَقَامَهُ مَقَامَهُ فَيَسْتَحِقُّ مَعْلُومَهَا كَالْمُقَرَّرِ فِيهَا أَصَالَةً بِخِلَافِ مَا إذَا جَعَلَ لَهُ أُجْرَةً مُعَيَّنَةً مِنْ مَعْلُومَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا كَانَتْ الِاسْتِنَابَةُ بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ عَدَمُ أَهْلِيَّتِهِ لِمُبَاشَرَةِ الْوَظِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ لَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ فِيهَا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَوَاخِرِ الْفَنِّ الثَّالِثِ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ إنَابَةُ غَيْرِهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ هَذَا وَرَأَيْت سُؤَالًا أَجَابَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِجَدِّهِ وَلَمْ يُثْبِتْهُ فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ رَأَيْته فِي مَجْمُوعَةِ مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ أَمِينِ فَتْوَى الْمُؤَلِّفِ وَنَصُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ لِمُؤَذِّنِي جَامِعٍ مَرْتَبَاتٌ فِي أَوْقَافٍ شَرَطَهَا وَاقِفُوهَا لَهُمْ فِي مُقَابَلَةِ أَدْعِيَةٍ يُبَاشِرُونَهَا لِلْوَاقِفِينَ الْمَذْكُورِينَ وَجَعَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ لَهُمْ نُوَّابًا يَقُومُونَ بِالْآذَانِ وَبِالْأَدْعِيَةِ الْمَزْبُورَةِ عَنْهُمْ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ النُّوَّابُ الْمُبَاشِرُونَ لِلْآذَانِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَزْبُورَةِ الْمَرْتَبَاتِ الْمَرْقُومَةَ دُونَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ الْجَوَابُ نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُفِيَ عَنْهُ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ جَدِّي الْمَرْحُومُ أَجَابَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ كَتَبَهُ مُفْتِي دِمَشْقَ الشَّامِ الْفَقِيرُ حَامِدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ الْمَذْكُورُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ آمِينَ وَأَجَابَ مَوْلَانَا حَامِدٌ أَفَنْدِي عَنْ سُؤَالٍ طِبْقِ سُؤَالِ جَدِّهِ الْمَرْقُومِ أَعْلَاهُ بِمَا لَفْظُهُ حَيْثُ شَرَطَهَا الْوَاقِفُونَ الْمَذْكُورُونَ لِمُبَاشِرِيهَا يَسْتَحِقُّ النُّوَّابُ الْمُبَاشِرُونَ لِلْأَذَانِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَزْبُورَةِ الْمَرْتَبَاتِ الْمَرْقُومَةَ دُونَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
مَا رَأَيْته بِخَطِّ مُنْلَا عَلِيٍّ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَخَوَيْنِ وَظِيفَةُ عَمَلٍ مَعْلُومَةٍ فِي جَامِعِ كَذَا بِمَالِهَا مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ بِمُوجَبِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي الْعَامِّ فِي الْبَلْدَةِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ وَهُمَا مُبَاشِرَانِ لَهَا وَمُتَصَرِّفَانِ بِهَا وَبِمَعْلُومِهَا يَقْبِضَانِهِ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ هُمَا وَمَنْ قَبْلَهُمَا بِمُوجَبِ مُسْتَنَدَاتٍ شَرْعِيَّةٍ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ بِلَا مُعَارِضٍ وَتَوَلَّى الْوَقْفَ الْآنَ رَجُلٌ قَامَ يُعَارِضُهُمَا فِي الْوَظِيفَةِ وَيُكَلِّفُهُمَا إظْهَارَ بَرَاءَةٍ تَشْهَدُ لَهُمَا بِذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَقْرِيرُ قَاضِي الْبَلْدَةِ فَهَلْ يَكْفِي وَيُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهِمَا؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ التَّصَرُّفُ كَمَا ذُكِرَ وَمَعَهُمَا تَقْرِيرٌ شَرْعِيٌّ يَمْنَعُ الْمُتَوَلِّيَ الْمَذْكُورَ مِنْ مُعَارَضَتِهِمَا فِي ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ.
(سُئِلَ) فِي وَظِيفَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي وَقْفٍ وَجَّهَهَا السُّلْطَانُ أَعَزَّ اللَّهُ أَنْصَارَهُ لِجَمَاعَةٍ مَعْرُوفِينَ بِبَنِي الْقُدْسِيِّ بِمُوجَبِ بَرَاءَةٍ شَرِيفَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَدَفَاتِرَ خَاقَانِيَّةٍ فَهَلْ يَشْتَرِك فِيهَا جَمِيعُهُمْ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَيَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُهُمْ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مُسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَمَاتَ لَا عَنْ وَلَدٍ فَهَلْ دَفْعُ أَرْضِ الْوَقْفِ مُفَوَّضٌ إلَى مُتَوَلِّيهَا وَأَرْضُ الْوَقْفِ لَا تُورَثُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا أَجَابَ بِذَلِكَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى صَبِيٍّ وَظِيفَةُ تَوْلِيَةِ مَدْرَسَةٍ فَمَاتَ الصَّبِيُّ الْمَذْكُورُ فَقَرَّرَ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْغَيْرُ الْمُفَوَّضِ لَهُ التَّوْجِيهُ أَخَوَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ فِي التَّوْلِيَةِ الْمَرْقُومَةِ ثُمَّ عَرَضَ لِلدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ بِذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ عَرْضَهُ وَوَجَّهَ التَّوْلِيَةَ الْمَرْقُومَةَ لِرَجُلٍ مُسْتَحِقٍّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ قَامَ الْآنَ وَلِيُّ الصَّغِيرَيْنِ يُعَارِضُ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ فِي ذَلِكَ مُتَمَسِّكًا بِمُجَرَّدِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي الْمَزْبُورِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِتَوْجِيهِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ وَيَمْنَعُ وَلِيَّهُمَا مِنْ مُعَارَضَةِ الرَّجُلِ بِذَلِكَ.
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ عَنْ خَلِيلِيٍّ فَرَغَ عَنْ وَظِيفَةٍ بِمَدِينَةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَدَى قَاضِي مِصْرَ الْقَاهِرَةِ وَوَجَّهَهَا قَاضِي مِصْرَ إلَى الْمَفْرُوغِ لَهُ فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الْفَرَاغُ وَالتَّوْجِيهُ أَجَابَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ قَاضِي مِصْرَ مَشْرُوطًا لَهُ ذَلِكَ وَلَا فِي وِلَايَتِهِ مَأْمُورًا بِهِ لَا يُعْتَدُّ بِتَوْجِيهِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَذَا الْفَرَاغِ وَحْدَهُ لِكَوْنِهِ فِي غَيْبَةِ قَاضٍ يَمْلِكُ التَّوْجِيهَ لِذَلِكَ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي ذِي وَظِيفَةٍ فِي مَدْرَسَةٍ يُكَلِّفُ مُتَوَلِّيهَا دَفْعَ مَعْلُومِ وَظِيفَتِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قَبْلَ حُصُولِ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَوُصُولِهَا إلَى يَدِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ تَكْلِيفِ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ وَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَتْ هِنْدٌ دَارَهَا عَلَى خَطِيبِ جَامِعٍ مُعَيَّنٍ وَعَلَى إمَامِهِ وَعَلَى زَيْدٍ وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَيُهْدِيَ ثَوَابَهُ لَهَا ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ مَاتَتْ وَصَارَ أَخُوهَا نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ وَصَارَ زَيْدٌ الْمَزْبُورُ خَطِيبًا وَإِمَامًا بِالْجَامِعِ وَتَنَاوَلَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ مِنْ النَّاظِرِ الْمَزْبُورِ جَمِيعَ مَا يَخُصُّهُ عَنْ وَظِيفَةِ الْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ عِدَّةَ سِنِينَ حَتَّى مَاتَ النَّاظِرُ وَصَارَ ابْنُ أَخِيهِ نَاظِرًا مَكَانَهُ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ مَا يَخُصُّ زَيْدًا مِنْ جِهَةِ الْإِمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ بِأَنَّهُ مُقَرَّرٌ مِنْ الْقَاضِي فِي وَظِيفَةِ بَوَّابَةٍ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَدَّعِ بِذَلِكَ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَهُمَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ تَصَرُّفٌ فِي الْوَظِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي ذَلِكَ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَتَرَكَ الدَّعْوَى فِيهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. (أَقُولُ) دَعْوَاهُ بِالْوَظِيفَةِ هِيَ فِي الْمَعْنَى دَعْوَى بِاسْتِحْقَاقِ مَعْلُومِهَا مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي أَنَّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ لَا تُسْمَعُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً تَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي مَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ وَفَرَّاشٌ لَهُمْ مَعْلُومٌ مُعَيَّنٌ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَاحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِتَعْمِيرٍ ضَرُورِيٍّ وَالْغَلَّةُ لَا تَفِي بِالْكُلِّ وَإِذَا قُطِعَ عَلَى الْمَذْكُورِينَ يَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْمَسْجِدِ فَهَلْ لَا يُقْطَعُ عَلَيْهِمْ وَيُلْحَقُونَ بِالْعِمَارَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) وَمَرَّ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَابِ الثَّانِي.
(سُئِلَ) فِي النَّاظِرِ الْمُبَاشِرِ هَلْ يَكُونُ مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ الَّتِي تَتَقَدَّمُ بَعْدَ الْعِمَارَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَشَرْحِي لِلْعَلَائِيِّ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ قَبَضَ أُجُورَ عَقَارَاتِ الْوَقْفِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا عَنْ سَنَةِ كَذَا وَيُرِيدُ أَنْ يَدَّخِرَهَا لِلْعِمَارَةِ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ وَطَلَبَ مُسْتَحِقُّو الْوَقْفِ اسْتِحْقَاقَهُمْ مِنْهَا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ لَمْ تَكُنْ عَقَارَاتُ الْوَقْفِ مُحْتَاجَةً لِلْعِمَارَةِ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ يَسُوغُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ الطَّلَبُ وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَدَّخِرَ لَهَا شَيْئًا عِنْدَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلْعِمَارَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَنْ دَفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَأَخَّرَ الْعِمَارَةَ الضَّرُورِيَّةَ هَلْ يَضْمَنُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِالضَّمَانِ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ؟
(الْجَوَابُ): قَدْ أَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ صُورَتُهُ سُئِلَ فِيمَا إذَا صَرَفَ الْمُتَوَلِّي إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَخَّرَ الْعِمَارَةَ الْغَيْرَ الضَّرُورِيَّةِ هَلْ يَضْمَنُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ أَمْ لَا أَجَابَ لَا يُلْزَمُ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ إذَا اجْتَمَعَ مِنْ غَلَّةِ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْقَيِّمِ فَظَهَرَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْوَقْفُ مُحْتَاجٌ إلَى الْإِصْلَاحِ وَالْعِمَارَةِ أَيْضًا وَيَخَافُ الْقَيِّمُ لَوْ صَرَفَ الْغَلَّةَ إلَى الْعِمَارَةِ يَفُوتُ ذَلِكَ الْبِرُّ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَأْخِيرِ الْمَرَمَّةِ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ يُخَافُ خَرَابُ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَى ذَلِكَ الْبِرِّ وَيُؤَخِّرُ الْمَرَمَّةَ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ فِي تَأْخِيرِ الْمَرَمَّةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَى الْمَرَمَّةِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يَصْرِفُ إلَى ذَلِكَ الْبِرِّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الصَّرْفُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَتَأْخِيرُ الْعِمَارَةِ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ إذَا لَمْ يُخَفْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا عُلِمَ عَدَمُ جَوَازِ إلْزَامِ الْمُتَوَلِّي الْمَعْزُولِ بِمَا دَفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَالْحَالُ هَذِهِ وَمَعَهُ وَقَعَتْ الِاسْتِرَاحَةُ مِنْ بَحْثِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمْ وَعَدَمِهِ فَإِنَّهُ قَدْ وَقَعَتْ الْمُنَاظَرَةُ بَيْنَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ التَّصْنِيفِ فِي ذَلِكَ فَمِنْ قَائِلٍ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَمِنْ قَائِلٍ يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ مَا دَامَ الْمَدْفُوعُ قَائِمًا لَا هَالِكًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ قَائِمًا وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مُسْتَهْلَكًا؛ لِأَنَّهُ مَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَإِنَّمَا دَفَعَهُ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوُجُوهِ فَفِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إلَّا إذَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْقَابِضُ. اهـ.
وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ رَجَعَ بِبَدَلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ قُلْت وَقَدْ أَلَّفْت فِي ذَلِكَ رِسَالَةً بِطَلَبِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مُفْتِي الْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي سَلَّمَهُ السَّلَامُ سَمَّيْتهَا اخْتِلَافَ آرَاءِ الْمُحَقِّقِينَ فِي مَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْت فَإِنَّهَا مُفِيدَةٌ. اهـ.
كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ. (أَقُولُ) وَفِي عِبَارَةِ الْخَيْرِيَّةِ إجْمَالٌ فَإِنَّ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمُنَاظَرَةُ مَا إذَا دَفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مَعَ وُجُودِ الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَصَارَ ضَامِنًا فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِمْ فَقَالَ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ وَقَالَ فِي النَّهْرِ يَرْجِعُ لَوْ قَائِمًا لَا هَالِكًا؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ وَقَالَ الْمَقْدِسِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ أَيْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ تَبَرُّعًا فَصَارَ كَمَا لَوْ دَفَعَ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةً لَا تَسْتَحِقُّهَا لِنُشُوزٍ أَوْ غَيْرِهِ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا وَهَذَا الَّذِي حَقَّقَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ وَحَاصِلُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَأَخَّرَ الْعِمَارَةَ فَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ كَانَتْ ضَرُورِيَّةً يَضْمَنُ مَا دَفَعَهُ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ الْأَخِيرُ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مَعَ وُجُودِ الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِذَا رَجَّحَهُ الرَّمْلِيُّ فِي الْحَوَاشِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ عَمَّرَ فِيهِ ثُمَّ أَعْطَى الْمُسْتَحِقِّينَ نَصِيبَهُمْ وَلَمْ يَقْتَطِعْ عِمَارَتَهُ فَهَلْ يَضْمَنُ مَا صَرَفَهُ مِنْ الْغَلَّةِ لِغَيْرِ الْعِمَارَةِ لِكَوْنِ الدَّيْنِ مُقَدَّمًا عَلَى نَصِيبِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي مَا صَرَفَهُ مِنْ الْغَلَّةِ لِغَيْرِ الدَّيْنِ الْمَصْرُوفِ فِي الْعِمَارَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْعِمَارَةِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ قَوْلُهُ أَعْطَى الْمُسْتَحِقِّينَ نَصِيبَهُمْ أَيْ سِهَامَهُمْ مِمَّا لَا حَقَّ لَهُمْ فِيهِ وَهُوَ الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ زَمَنَ الْعِمَارَةِ أَوْ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْعِمَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّعْمِيرِ فَإِعْطَاؤُهُمْ مَا هُوَ لِغَيْرِهِمْ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ وَكَوْنُهُمْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِمَّا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمْ مُسْتَفَادٌ مِنْ وُجُوبِ الصَّرْفِ إلَى مَا فِيهِ بَقَاءُ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِيَكُونَ مُؤَبَّدًا وَصَدَقَةً مُخَلَّدَةً وَبِدُونِ الصَّرْفِ لِعِمَارَتِهِ يَفُوتُ ذَلِكَ بِخَرَابِهِ، فَإِذَا لَمْ يَخَفْ هَلَاكَهُ خَوْفًا بَيِّنًا سَاغَ الصَّرْفُ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ قَطْعًا مِنْ تَحْرِيرَاتِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ السُّؤَالَاتِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(أَقُولُ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ دَيْنٌ عَلَى الْوَقْفِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَرْصَدِ فَآجَرَهُ النَّاظِرُ عَقَارَ الْوَقْفِ بِأُجْرَةٍ أَذِنَ لَهُ بِاقْتِطَاعِ بَعْضِهَا الْمَعْلُومِ مِنْ مَرْصَدِهِ وَصَارَ يَأْخُذُ مِنْهُ بَاقِيَ الْأُجْرَةِ وَيَدْفَعُهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبْضُ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ لِدَفْعِهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَأَنَّهُ يَضْمَنُ ذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمَرْصَدِ حَتَّى تَتَخَلَّصَ رَقَبَةُ الْوَقْفِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ يَصْرِفَ مَا يَقْبِضُهُ فِي الْعِمَارَةِ اللَّازِمَةِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ حَيْثُ سُئِلَ فِي دَارِ وَقْفٍ عَلَيْهِ مَبْلَغٌ مُرْصَدٌ لِجَمَاعَةٍ صُرِفَ فِي عِمَارَتِهَا الضَّرُورِيَّةِ وَالْآنَ تَحْتَاجُ الدَّارُ إلَى التَّعْمِيرِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ أَنْ يُعَمِّرَهَا وَيَدْفَعَ الْمَرْصَدَ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ غَلَّتِهَا وَيَقْطَعَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، وَالْمُسْتَحَقُّونَ يُطَالِبُونَهُ بِقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ حَالَ كَوْنِهَا مُحْتَاجَةً إلَى التَّعْمِيرِ فَهَلْ التَّعْمِيرُ وَدَفْعُ الْمَرْصَدِ الَّذِي عَلَيْهَا مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَجَابَ نَعَمْ يُقَدَّمُ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ. اهـ.
فَلْيُتَأَمَّلْ فِيمَا هُوَ الشَّائِعُ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ دَفْعُ شَيْءٍ لِلْمُسْتَحِقِّينَ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ ثُمَّ رَأَيْت أَيْضًا مَا يُؤَيِّدُهُ فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ بِخَطِّهِ، وَنَصُّهُ فِي نَاظِرِ وَقْفٍ وَلِأَحَدِ مُسْتَحِقِّيهِ عَلَى رَقَبَةِ ذَلِكَ الْوَقْفِ مَبْلَغٌ مُتَرَتِّبٌ فَصَرَفَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مُدَّةً مِنْ غَيْرِ إذْنِ حَاكِمٍ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِأَنَّ ذَلِكَ الصَّرْفَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا لِكَوْنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِذَلِكَ الصَّرْفِ وَضَامِنٌ لَهُ فَشَهِدَ اثْنَانِ عِنْدَ حَاكِمٍ بِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ بِالدَّفْعِ مِنْ قِبَلِ قَاضٍ وَأَحَدُ الشُّهُودِ يَسْتَحِقُّ وَلَدُهُ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ شَهِدَ لِفَرْعِهِ وَلِعَوْدِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الْوَقْفُ مَا دَامَ مُحْتَاجًا إلَى الْعِمَارَةِ كَانَ الْمُتَوَلِّي ضَامِنًا بِالدَّفْعِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَوْ أَمَرَهُ الْقَاضِي كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ فَإِذَا زَالَ الِاحْتِيَاجُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْمُفْتِي بِمَدِينَةِ حَلَبَ عُفِيَ عَنْهُ أَعْنِي بِهِ الْمَوْلَى مُحَمَّدًا أَفَنْدِي الْكَوَاكِبِيَّ شَارِحَ نَظْمِ الْمَنَارِ الْأُصُولِيِّ وَغَيْرِهِ. اهـ.
مَا رَأَيْته بِخَطِّ مُنْلَا عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَبَضَ مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ بَعْضَ مَالِ الْوَقْفِ عَنْ سَنَةِ كَذَا الْمَعْلُومَةِ وَمَاتَ مُجْهِلًا وَتَوَلَّى الْوَقْفَ زَيْدٌ وَقَبَضَ مَالِ الْوَقْفِ عَنْ سَنَةٍ أُخْرَى تَلِي الْأُولَى وَطَالَبَهُ أَرْبَابُ وَظَائِفِ الْوَقْفِ بِالْمُنْكَسِرِ لَهُمْ مِنْ جَوَامِكِهِمْ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي الْمُتَوَفَّى عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى فَدَفَعَهُ لَهُمْ مِنْ غَلَّةِ السَّنَةِ التَّالِيَةِ لِلْأُولَى ظَانًّا لُزُومَهُ لَهُمْ مِنْ غَلَّةِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَوُجُوبَهُ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ صَرْفَ رَيْعِ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ وَلَا نَصَّ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي تَوْلِيَتِهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمْ بِنَظِيرِ مَا دَفَعَ لَهُمْ وَمُحَاسَبَتَهُمْ بِهِ عَمَّا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَهَلْ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلِلشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ كَلَامٌ ضِمْنَ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِيمَا إذَا دَفَعَ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَخِيفَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ قَائِمًا وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مُسْتَهْلَكًا؛ لِأَنَّهُ مَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَإِنَّمَا دَفَعَهُ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فَفِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إلَّا إذَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْقَابِضُ. اهـ.
وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ بِمَا أَدَّى وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ رَجَعَ بِبَدَلِهِ. اهـ.
وَفِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا لَا يَجُوزُ صَرْفُ رَيْعِ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ إلَّا إذَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ أَوْ نَصَّ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي تَوْلِيَتِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ. اهـ.
(سُئِلَ) عَنْ مُتَوَلٍّ قَبَضَ الْغَلَّةَ وَوَفَّى دَيْنَهُ بِهَا وَتَرَكَ الْعِمَارَةَ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا هَلْ تَثْبُتُ خِيَانَتُهُ بِذَلِكَ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ أَمْ لَا (أَجَابَ) نَعَمْ تَثْبُتُ خِيَانَتُهُ بِذَلِكَ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ التَّعْمِيرِ خِيَانَةٌ وَصَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِأَنَّ عَزْلَ الْقَاضِي لِلْخَائِنِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُتَوَلِّي دَرَاهِمَ الْوَقْفِ فِي حَاجَتِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ مِثْلَهَا فِي مَرَمَّةِ الْوَقْفِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْوَاجِبَ إلَى مَحَلِّهِ وَمَصْرِفِهِ وَلَوْ جَاءَ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ فِي حَاجَتِهِ وَخَلَطَهُ بِدَرَاهِمِ الْوَقْفِ صَارَ ضَامِنًا لِلْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الضَّمَانِ يُنْفِقُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ مِنْ بَابِ تَصَرُّفِ الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ وَفِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ أَثْنَاءِ كِتَابِ الْوَقْفِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ طَوِيلٍ نَعَمْ يَفْسُقُ هَذَا النَّاظِرُ بِتَمَادِيهِ عَلَى عَدَمِ الْعِمَارَةِ وَتَقْدِيمِهِ الصَّرْفَ عَلَيْهَا وَتَهَاوُنِهِ فِي اسْتِخْلَاصِ الرَّيْعِ وَضَيَاعِهِ عِنْدَ السُّكَّانِ وَصَرْفِ مَا وَصَلَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ دُونَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفَ وَيَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ الْعَزْلَ وَمَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرْعِ الَّتِي صَارَ بِهَا فَاسِقًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا صَرَفَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا صَرَفَهُ مُخَالِفًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
(سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1144 فِي نَاظِرٍ عَلَى أَوْقَافٍ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ فِي وَقْفٍ مِنْهَا فَهَلْ يُعْزَلُ عَنْ الْكُلِّ؟
(الْجَوَابُ): مَا وَجَدْت الْآنَ نَقْلًا فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ قَالُوا إذَا ثَبَتَتْ الْخِيَانَةُ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ الْأَمَانَةُ وَنُقِلَ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوِلَايَةِ عَلَى الْوَقْفِ لَا يُوَلَّى إلَّا أَمِينٌ قَادِرٌ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ تَوْلِيَةُ الْخَائِنِ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ وَكَذَا تَوْلِيَةُ الْعَاجِزِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِهِ وَيَسْتَوِي فِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَا الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَكَذَا الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ إذَا تَابَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ. اهـ.
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) ثُمَّ رَأَيْتنِي كَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى شَهَادَةِ الْعَدُوِّ وَأَنَّ الْفِسْقَ لَا يَتَجَزَّأُ نَقْلًا عَنْ خَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ فَإِنَّ الْفِسْقَ لَا يَتَجَزَّأُ إلَخْ هَلْ يُقَاسُ عَلَى هَذَا النَّاظِرُ إذَا كَانَ نَاظِرًا عَلَى أَوْقَافٍ عَدِيدَةٍ وَثَبَتَ فِسْقُهُ بِسَبَبِ خِيَانَتِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا فَهَلْ يَسْرِي فِسْقُهُ فِي كُلِّهَا فَيُعْزَلُ؟ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: إنَّ الْفِسْقَ لَا يَتَجَزَّأُ السَّرَيَانُ ثُمَّ رَأَيْت وَلِلَّهِ الْحَمْدُ بَعْدَ مُدَّةٍ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي السُّعُودِ الْعِمَادِيِّ الْمُفَسِّرِ وَنَصُّهُ فِي فَتَاوِيه مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ فِي نَاظِرٍ عَلَى أَوْقَافٍ مُتَعَدِّدَةٍ ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ فِي بَعْضٍ مِنْ الْأَوْقَافِ هَلْ يَلْزَمُ عَزْلُهُ مِنْ الْكُلِّ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ. اهـ.
بِحُرُوفِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ بَاعَ بَعْضَ عَقَارِ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِكَوْنِهِ وَقْفًا فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ يَكُونُ خِيَانَةً مِنْهُ يُعْزَلُ بِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُعْزَلُ أَوْ يُضَمُّ إلَيْهِ ثِقَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْقُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَنْكَرَ جَرَيَانَ دَارٍ مَعْلُومَةٍ فِي الْوَقْفِ أَنَّهَا لِلْوَقْفِ وَادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ الْوَقْفُ وَإِنْكَارُهُ لَهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ خَائِنًا وَيَخْرُجُ الْوَقْفُ مِنْ يَدِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ مِنْ فَصْلِ إنْكَارِ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ يَصِيرُ غَاصِبًا لَهُ وَيَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ لِصَيْرُورَتِهِ خَائِنًا بِالْإِنْكَارِ. اهـ.
وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ قَطَعَ أَشْجَارَ بُسْتَانِ الْوَقْفِ الْيَانِعَةَ الْغَيْرَ الشَّالِيَةَ وَلَا الْيَابِسَةَ وَبَاعَهَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ بِمِثْلِ ذَلِكَ: بِرّ وَقَفَك مَشْرُوطَيْهِ أوزره متوليسي زيدك مَال وَقَفَهُ خِيَانَتِي ثَابِتَة أَوْ لسه حَاكِم زيدي عَزْل أيدوب يرينه بِرّ متدين كمسنه يي متولي نصب أيتمكه قادرا وَلَوْ رَمَى الجواب أولور (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) بِرّ وَقَفَك متوليسي زيدك مَال وَقَفَهُ خِيَانَتِي احتمالي أَوْ لمغله حَاكِم محاسبه سبني كور مكه قادرا وَلَوْ رَمَى الجواب أولور (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَلَوْ أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَكَانَ الْوَاقِفُ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْوَقْفِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ يَدِهِ نَظَرًا لِلْفُقَرَاءِ كَمَا لَهُ أَنْ يَعْزِلَ الْوَصِيَّ وَكَذَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ وَيُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ فَيَبْطُلُ هِدَايَةً مِنْ الْوَقْفِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ لِلْقَاضِي عَزْلَ الْمُتَوَلِّي الْخَائِنِ غَيْرِ الْوَاقِفِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَصَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ عَزْلَ الْقَاضِي الْمُتَوَلِّي الْخَائِنِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنْ وَقْفِ الْبَحْرِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَيُنْزَعُ لَوْ خَائِنًا وَفِي أَوْقَافِ النَّاصِحِيِّ الْوَاقِفُ أَوْ الْمُتَوَلِّي إذَا آجَرَ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ أَوْ مِمَّنْ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْوَقْفِ فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ وَأَخْرَجَ الْقَائِمَ بِأَمْرِ الْوَقْفِ عَنْ الْوِلَايَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَإِنْ كَانَ سَهْوًا مِنْهُ فَسَخَ الْعَقْدَ وَقَرَّرَهُ عَلَى الْوِلَايَةِ بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَضَاءِ قُبَيْلَ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ (فُرُوعٌ) إذَا لَمْ يُرَاعِ شَرْطُ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْخِلَافِ بَلْ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ بِتَقْلِيدِ الْقَاضِي امْتَنَعَ عَنْ الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُقِيمَ آخَرَ مَقَامَهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْخِيَانَةِ وَالتَّقْصِيرِ بَلْ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي عَنْ تَقَاضِي مَا عَلَى الْمُتَقَبِّلِينَ زَمَانًا فَإِنَّهُ يَأْثَمُ فَإِنْ هَرَبَ بَعْضُ الْمُتَقَبِّلِينَ لَا يُضَمِّنُ الْمُتَوَلِّي الْكُلَّ مِنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنَحٌ مِنْ آخِرِ الْوَقْفِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَيَنْعَزِلُ النَّاظِرُ بِالْجُنُونِ الْمُطْبِقِ إذَا دَامَ سَنَةً فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ عَقْلُهُ عَادَ إلَيْهِ النَّظَرُ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ النَّظَرُ أَمَّا مَنْصُوبُ الْقَاضِي فَلَا نَهْرٌ وَلَوْ حَلَّ بِالنَّاظِرِ آفَةٌ يُمْكِنُهُ مَعَهَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَوْ طَعَنَ أَهْلُ الْوَقْفِ فِي أَمَانَتِهِ لَا يُخْرِجُهُ الْحَاكِمُ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ وَإِنْ رَأَى أَنْ يُدْخِلَ مَعَهُ رَجُلًا آخَرَ فَعَلَ وَمَعْلُومُهُ بَاقٍ لَهُ إسْعَافٌ مِنْ فَصْلٍ فِيمَا يُجْعَلُ لِلْمُتَوَلِّي مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَذِنَ لِسَاكِنِ دَارٍ مِنْ دُورِهِ أَنْ يُعَمِّرَ فِيهَا مِنْ مَالِهِ بِطَرِيقِ الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَمَهْمَا يَصْرِفُهُ فِيهَا يَقْتَطِعُهُ مِنْ أُجْرَتِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَعَ وُجُودِ مَالٍ حَاصِلٍ فِي الْوَقْفِ وَبِدُونِ إذْنٍ مِنْ قَاضِي الْقُضَاةِ فَهَلْ تَكُونُ الِاسْتِدَانَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَنَقَلَهَا فِي الْبَحْرِ مُفَصَّلًا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ نَاظِرُ وَقْفٍ مِنْ آخَرَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَجْلِ الْوَقْفِ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي وَيُرِيدُ أَخْذَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَا تَصِحُّ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْبَحْرِ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ لَا يَسْتَدِينُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي جَازَ وَإِلَّا لَا. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا صَرَفَ نَاظِرُ وَقْفٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً فِي مُهِمَّاتِ الْوَقْفِ وَلَوَازِمِهِ الضَّرُورِيَّةِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ حَيْثُ لَا مَالَ حَاصِلٌ فِي الْوَقْفِ بَعْدَمَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً أَنَّهُ صَرَفَ ذَلِكَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فِي مَالِ الْوَقْفِ عِنْدَ حُصُولِهِ وَبَعْدَ إذْنِ الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ وَثَبَتَ صَرْفُهُ وَإِشْهَادُهُ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَهُ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ (قَوْلٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ الْمُتَوَلِّي لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اسْتَدَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ الظَّاهِرُ لَا وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي مَقْبُولَ الْقَوْلِ لِمَا أَنَّهُ يُرِيدُ الرُّجُوعَ فِي الْغَلَّةِ وَهُوَ إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْقَاضِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَلَّةِ لِمَا أَنَّهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ مُتَبَرِّعٌ وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَدْخَلَ جِذْعًا لَهُ فِي الْوَقْفِ لَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الِاسْتِدَانَةِ؛ لِأَنَّهَا مُنْحَصِرَةٌ فِي الْقَرْضِ وَالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ صَرَفَ الْمُتَوَلِّي لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ مَالِهِ لَا يَكُونُ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ وَلَهُ الرُّجُوعُ لَكِنْ قَاضِي خَانْ قَيَّدَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَرَمَّةِ وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَوَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَعَلَى هَذَا وَقَعَ الِاشْتِبَاه فِي زَمَانِنَا فِي نَاظِرٍ أَذِنَ لِإِنْسَانٍ فِي الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ لِيَرْجِعَ بِهِ إذَا جَاءَتْ الْغَلَّةُ هَلْ يَكُونُ مِنْ بَابِ الِاسْتِدَانَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَلَا تَجُوزُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ أَوْ أَنَّهُ كَصَرْفِ النَّاظِرِ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ قُلْنَا بِرُجُوعِهِ. اهـ.
أَيْ إنْ قُلْنَا بِرُجُوعِهِ فِي مَسْأَلَةِ صَرْفِهِ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَرَمَّةِ.
وَكَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ أَقُولُ فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ مَا نَصُّهُ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ فِي كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّاظِرَ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهِ لَهُ الرُّجُوعُ دِيَانَةً لَكِنْ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ كَمَا فِي 34 مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَكَلَامُهُمْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَلَمْ يَكْفِ الْإِشْهَادُ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ فَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الصَّرْفُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ مَالِهِ مُسَاوِيًا لِلصَّرْفِ عَلَى الْعِمَارَةِ مِنْ مَالِهِ نَعَمْ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لِأَجْلِ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا جَوَّزُوهَا لِمَا لَا بُدَّ لِلْوَقْفِ مِنْهُ كَالْعِمَارَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ. اهـ.
كَلَامُ الْحَانُوتِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إنْفَاقَ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَالِهِ عَلَى الْوَقْفِ لَيْسَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهَا مُنْحَصِرَةٌ فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ إنْفَاقَ مَأْذُونِهِ كَإِنْفَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي أَيْضًا.
وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ الثَّانِي عَنْ الْقُنْيَةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَمَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِإِذْنِ الْقَيِّمِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا إلَّا إذَا كَانَتْ الْعِمَارَةُ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ. اهـ.
فَلَمْ يُقَيِّدْ الرُّجُوعَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَأَفْتَى بِمَا فِي الْقُنْيَةِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ أَمِينُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْعَالِ كَمَا رَأَيْته فِي فَتَاوِيه وَكَذَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ حَيْثُ سُئِلَ فِي عَلِيَّةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ تَهَدَّمَتْ فَأَذِنَ نَاظِرُ الْوَقْفِ لِرَجُلٍ أَنْ يُعَمِّرَهَا مِنْ مَالِهِ فَعَمَّرَهَا مِنْ مَالِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَأَشْهَدَ أَنَّ الْعِمَارَةَ لِلْوَقْفِ بَعْدَ مُنَازَعَةِ النَّاظِرِ لَهُ فَمَا الْحُكْمُ فِي مَالِهِ الَّذِي صَرَفَهُ بِإِذْنِهِ عَلَى عِمَارَتِهَا أَجَابَ اعْلَمْ أَنَّ عِمَارَةَ الْوَقْفِ بِإِذْنِ مُتَوَلِّيهِ لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ تُوجِبُ الرُّجُوعَ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ الرُّجُوعُ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي عِمَارَةِ النَّاظِرِ بِنَفْسِهِ قَوْلَيْنِ وَعِمَارَةُ مَأْذُونِهِ كَعِمَارَتِهِ فَيَقَعُ الْخِلَافُ فِيهَا وَقَدْ جَزَمَ فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي الزَّاهِدِيُّ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ إذَا كَانَ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَةِ الْعِمَارَةِ إلَى الْوَقْفِ. اهـ.
فَلَمْ يُقَيِّدْ أَيْضًا بِإِذْنِ الْقَاضِي مَعَ تَصْرِيحِهِ بِمَا اسْتَظْهَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ فِعْلَ مَأْذُونِهِ كَفِعْلِهِ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِ ذَلِكَ كُلِّهِ لَيْسَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِعِمَارَةِ الدَّارِ الضَّرُورِيَّةِ لِيَكُونَ مَا أَنْفَقَهُ مُرْصَدًا عَلَى الدَّارِ وَجِهَةِ الْوَقْفِ يَكْفِي ذَلِكَ بِلَا إذْنِ قَاضٍ وَلَا حُكْمِ قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ.
وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ عَصْرِنَا وَمِنْ قَبْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ فِيمَا لَوْ أَذِنَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الصَّرْفِ عَلَى مَرَمَّتِهِ لِيَكُونَ دَيْنًا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ فَصَرَفَ مَالًا مَعْلُومًا ثُمَّ أَجَرَهُ الْمُتَوَلِّي لِآخَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَطَلَبَ دَيْنَهُ فَاعْتَذَرَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا مَالَ لِلْوَقْفِ تَحْتَ يَدِهِ فَأَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ دَيْنَهُ لِيَكُونَ دَيْنًا لَهُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ كَمَا كَانَ لِلْأَوَّلِ فَدَفَعَ وَمَاتَ الْمُتَوَلِّي فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي الرُّجُوعُ بِمَا دَفَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُتَوَلِّي الْجَدِيدِ فِي مَالِ الْوَقْفِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ أَوْ فِي تَرِكَةِ الْمُتَوَلِّي الْأَوَّلِ وَتَرْجِعُ وَرَثَتُهُ عَلَى الثَّانِي فِي مَالِ الْوَقْفِ أَجَابَ: الْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَأَنَّ الِاسْتِدَانَةَ مِنْ الْقَيِّمِ لَا تُثْبِتُ الدَّيْنَ فِي الْوَقْفِ إذْ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَلَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ إلَّا عَلَى الْقَيِّمِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَقْفِ وَوَرَثَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِمْ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ثُمَّ يَرْجِعُونَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمُتَوَلِّي الْجَدِيدِ إلَخْ. اهـ.
مُلَخَّصًا.
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ آجَرَ مَنْزِلًا إجَارَةً طَوِيلَةً وَهَذَا الْمَنْزِلُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ كَانَ وَقَفَهُ عَلَيْهِ وَالِدُهُ وَعَلَى أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَأَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي عِمَارَةِ هَذَا الْمَنْزِلِ بَعْضَ النَّفَقَاتِ بِأَمْرِ الْمُؤَجِّرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ وِلَايَةٌ فِي الْوَقْفِ كَانَ غَاصِبًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا الْمُسَمَّى وَذَلِكَ لِلْمُؤَجِّرِ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ فِي الْوَقْفِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ لَا عِبْرَةَ بِمَا سَمَّى مِنْ قَلِيلِ الْأَجْرِ فِي السِّنِينَ الْأُوَلِ، وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِاَلَّذِي أَنْفَقَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ وِلَايَةٌ فِي الْوَقْفِ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِيمَا أَنْفَقَ لَا يَرْجِعُ بِهِ لَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَلَا فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ وِلَايَةٌ صَارَ وُجُودُ الْأَمْرِ كَعَدَمِهِ وَلَوْ أَنْفَقَ بِدُونِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْفَتَاوَى الْكُبْرَى لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي نَاظِرٍ عَلَى مَسْجِدٍ وَلِلْمَسْجِدِ وَقْفٌ فَأَذِنَ النَّاظِرُ لِحُصَرِيٍّ أَنْ يَكْسُوَ الْمَسْجِدَ وَيُكَوُّنَّ ثَمَنُ الْحَصِيرِ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ فَفَعَلَ وَعُزِلَ النَّاظِرُ ثُمَّ تَوَلَّى نَاظِرٌ وَهُوَ إلَى الْآن نَاظِرٌ وَالْحَالُ أَنَّ النَّاظِرَ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ شَيْئًا فَهَلْ يَلْزَمُ النَّاظِرَ الثَّانِيَ تَخْلِيصُ حَقِّ الْحُصَرِيِّ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُعَلَّقٌ بِرَيْعِ الْوَقْفِ أَمْ يَلْزَمُ النَّاظِرَ الْأَوَّلَ الْجَوَابُ لِلشَّيْخِ نَاصِرِ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ يَلْزَمُ النَّاظِرَ الثَّانِيَ تَخْلِيصُ حَقِّ الْحُصَرِيِّ وَدَفْعُهُ لَهُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ النَّاظِرَ الْأَوَّلَ حَيْثُ عُزِلَ وَوَافَقَهُ سَيِّدِي الْجَدُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْحَنْبَلِيُّ تَغَمَّدَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ الْوَقْفِ.
(أَقُولُ) لَكِنْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَيِّمُ الْمَسْجِدِ اشْتَرَى شَيْئًا لِمُؤْنَةِ الْمَسْجِدِ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ بِمَالِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَقْفِ. اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي سَوَاءٌ كَانَ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي أَوْ لَا وَسَوَاءٌ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ الْخَانِيَّةِ قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِمَرَمَّةِ الْمَسْجِدِ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي قَالُوا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْمَسْجِدِ وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْمَرَمَّةِ مِنْ مَالِهِ كَالْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ بِأَنْ أَدْخَلَ الْمُتَوَلِّي جِذْعًا مِنْ مَالِهِ فِي الْوَقْفِ جَازَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ. اهـ.
وَكَتَبَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ قَوْلَهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ أَقُولُ فِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الْحَانُوتِيِّ إذَا أَشْهَدَ عِنْدَ الْإِنْفَاقِ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ عَلَى الْوَقْفِ يَرْجِعُ. اهـ.
وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ لَهُ مَنْقُولًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. اهـ.
كَلَامُ الرَّمْلِيِّ فَأَفَادَ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُشْهِدْ وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ قَيِّمُ الْوَقْفِ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِلَّا لَا وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ قَيِّمُ الْوَقْفِ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ فِي الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهِ لَهُ الرُّجُوعُ وَكَذَا الْوَصِيُّ مَعَ مَالِ الْمَيِّتِ.
وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ الْمُتَوَلِّي إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِ الْوَقْفِ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ يَرْجِعُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.
وَعَلَى ذَلِكَ أَيْضًا يُحْمَلُ كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ السَّابِقِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْفَرْقَ بَيْنَ الشِّرَاءِ وَالْإِنْفَاقِ فِي الْمَرَمَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفِ بِرٍّ فِيهِ وَظَائِفُ لَيْسَتْ مِنْ الشَّعَائِرِ وَهِيَ مُقَرَّرَةٌ عَلَى أَرْبَابِهَا بِمَالِهَا مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ وَقَدْ قَبَضَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أُجُورَ عَقَارَاتِهِ عَنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ سَلَفًا وَغَابَ وَلَمْ يَدْفَعْ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ شَيْئًا مِنْ عَلَائِقِهِمْ عَنْ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَهُ وَكِيلٌ فِي الضَّبْطِ فَقَطْ يُكَلِّفُهُ أَرْبَابُ الْوَظَائِفِ الْمَذْكُورَةِ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ لِأَجْلِ دَفْعِ مَعَالِيمِهِمْ أَوْ بِقَبْضِ أُجُورِ الْعَقَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ سَلَفًا عَنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَدَفَعَهَا لَهُمْ بِدُونِ نَصٍّ مِنْ السُّلْطَانِ فِي التَّوْلِيَةِ وَلَا شَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِنَّمَا قَيَّدَ فِي السُّؤَالِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الشَّعَائِرِ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ فِي الشَّعَائِرِ يَسْتَدِينُ قَالَ فِي الْبَحْرِ لَكِنْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا هَلْ يَسْتَدِينُ لِلْإِمَامِ وَالْخَطِيبِ وَالْمُؤَذِّنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَقَطْ أَوْ لَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَدِينُ لِهَؤُلَاءِ بِإِذْنِ الْقَاضِي لِقَوْلِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِضَرُورَةِ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ إلَخْ. اهـ.
وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ رَيْعِ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَوْ نَصَّ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ فِي تَوْلِيَتِهِ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْجَلَبِيُّ فِي فَتَاوَاهُ خَيْرِيَّةٌ ضِمْنَ سُؤَالٍ طَوِيلٍ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ دَرَاهِمَ لِلْعِمَارَةِ بِمُرَابَحَةٍ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِالْمُرَابَحَةِ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ أَوَائِلَ هَذَا الْبَابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَمَّرَ النَّاظِرُ مِنْ مَالِهِ طَبَقَةً فِي دَارِ الْوَقْفِ تَبَرُّعًا لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ وَقْفِ الْبِنَاءِ لِجِهَةِ وَقْفِ الْأَرْضِ وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ وَلَا دَاخِلَةٌ فِي تَوَاجِرِ أَحَدٍ يُرِيدُ مُتَوَلِّيهَا أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بِمَالِ الْوَقْفِ لِلْوَقْفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يُؤْجِرُ أَرْضَ الْوَقْفِ مِنْ نَفْسِهِ فَهَلْ لَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ آجَرَ الْوَقْفَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ سَكَنَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا إذَا آجَرَهُ مِنْ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ لِلتُّهْمَةِ وَلَا نَظَرَ مَعَهَا إسْعَافٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ مِنْ التَّصَرُّفِ وَمَا لَا يَجُوزُ لَوْ تَقَبَّلَ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ إلَّا إذَا تَقَبَّلَهُ مِنْ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ يَتِمُّ لِقِيَامِهِ بِاثْنَيْنِ إسْعَافٌ مِنْ بَابِ إجَارَةِ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ انْحَصَرَ رَيْعُ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فِيهِ نَظَرًا وَاسْتِحْقَاقًا آجَرَ أَرَاضِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إجَارَةً صَحِيحَةً مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَاصَصَهُ بِذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْمُقَاصَصَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ بَاعَ مَالَ الصَّغِيرِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَصِيرُ قِصَاصًا إذْ الْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ إخْوَانٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ انْحَصَرَ رَيْعُ الْوَقْفِ فِيهِ فَيَكُونُ قَدْ قَاصَصَهُ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ بِمُفْرَدِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْكَازَرُونِيُّ مِنْ آخِرِ الْوَقْفِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّلَبِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ أَوَائِلِ الْوَقْفِ فِي جَوَابٍ عَنْ سُؤَالٍ نَظِيرِ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ إنْ كَانَ النَّاظِرُ مُسْتَحِقًّا لِلْأُجْرَةِ كُلِّهَا وَتَمَّتْ الْمُدَّةُ وَالدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ فَلَا خَفَاءَ فِي صِحَّةِ التَّقَاصِّ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِبَعْضِهَا وَوَقَعَ التَّقَاصُّ بِهَا فَالتَّقَاصُّ صَحِيحٌ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَضْمَنُ النَّاظِرُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَصِحُّ التَّقَاصُّ ثُمَّ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ مَا يَشْهَدُ مِنْ النُّقُولِ لِصِحَّةِ الْجَوَابِ ثُمَّ ذَكَرَ نَقُولَهُ إلَى أَنْ قَالَ فَهَذَا كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ النَّاظِرِ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ الْأُجْرَةِ وَصِحَّةُ التَّقَاصِّ مَبْنِيَّةٌ عَلَى جَوَازِ الْإِبْرَاءِ كَمَا صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِهِ آنِفًا فَقَدْ وَضَحَ بِمَا ذَكَرَ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ آجَرَ عَقَارَ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَإِذَا آجَرَ الْقَيِّمُ الدَّارَ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ حَتَّى لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ لَوْ سَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ إذَا أَجَرَ إجَارَةً فَاسِدَةً الذَّخِيرَةُ مِنْ الْوَقْفِ فِي 14 وَلَا يُؤْجِرُ الْوَقْفَ إلَّا بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ بِالْأَقَلِّ وَلَوْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِجَوَازِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إلَّا بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ أَوْ إذَا لَمْ يُرْغَبْ فِيهِ إلَّا بِالْأَقَلِّ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ تَحْتَ فَصْلِ " إذَا بَنَى مَسْجِدًا ": دَارٌ مُسَبَّلَةٌ أُجْرَةُ مِثْلِهَا خَمْسَةٌ وَمَا كَانَ يُعْطِي السَّاكِنُ فِيهَا إلَّا ثَلَاثَةً ثُمَّ ظَفِرَ الْقَيِّمُ بِمَالِ السَّاكِنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ النُّقْصَانَ وَيَصْرِفَهُ إلَى مَصْرِفِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْقَيِّمِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ نَاظِرُ وَقْفٍ بُسْتَانَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ ثُمَّ ادَّعَى النَّاظِرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ حِينَ الِاسْتِئْجَارِ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْمَزْبُورَةَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَقْبَلُ الْمَأْجُورَ بِزِيَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا وَأَنَّهُ أَجَرَ الرَّجُلُ بِالزِّيَادَةِ الْمَزْبُورَةِ فَأَجَابَهُ زَيْدٌ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَزْبُورَةَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ وَتَعَنُّتٍ فَأَنْكَرَ النَّاظِرُ وَالرَّجُلُ ذَلِكَ فَأَحْضَرَ زَيْدٌ عَشَرَةَ أَنْفَارٍ شَهِدُوا فِي وَجْهِ النَّاظِرِ وَالرَّجُلِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِهِ زَيْدٌ هُوَ أَجْرُ مِثْلِ الْبُسْتَانِ الْمَزْبُورِ بِغِبْطَةٍ وَافِرَةٍ وَمَصْلَحَةٍ لِلْوَقْفِ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ وَتَعَنُّتٍ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمْ الْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبِكَوْنِهَا أَجْرَ الْمِثْلِ وَبِكَوْنِ الزِّيَادَةِ زِيَادَةَ ضَرَرٍ وَتَعَنُّتٍ وَبِعَدَمِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ الْمَزْبُورَةِ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّتِهَا وَإِنْ زَادَتْ أُجْرَةُ ذَلِكَ فِي الْمُدَّةِ وَبِعَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِزِيَادَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً ثُمَّ رُفِعَ الْحُكْمُ الْمَزْبُورُ لَدَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَلُزُومِهَا وَعَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِزِيَادَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورَ غِبَّ حَادِثَةٍ وَدَعْوَى شَرْعِيَّةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى ثُمَّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ ادَّعَى النَّاظِرُ الْمَذْكُورُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْمَزْبُورَةَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَأَحْضَرَ لِلشَّهَادَةِ بِذَلِكَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا فَهَلْ يُنْتَقَضُ بِشَهَادَتِهِمْ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ): الْإِجَارَةُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَحَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ وَتَعَنُّتٍ فَلَا تُقْبَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ قَالَ فَإِنْ كَانَ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ. اهـ.
أَيْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَأَمَّا دَعْوَى النَّاظِرِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا يَخْلُو أَمْرُهُ وَأَمْرُ شُهُودِهِ إمَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ حِينَ الْعَقْدِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَنَّهُ زَادَ السِّعْرُ فِيهِ الْآنَ حِينَ شَهَادَتِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا تُقْبَلُ وَلَا عِبْرَةَ لِكَثْرَةِ الشُّهُودِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَيْنُ الدَّعْوَى الْأُولَى الَّتِي ادَّعَاهَا حِينَ الْإِيجَارِ مِنْ زَيْدٍ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ حَاكِمَيْنِ حَنَفِيٍّ وَشَافِعِيٍّ وَشُهُودُهُ هَذِهِ تَتَضَمَّنُ نَقْضَ قَضَاءٍ وَالشَّهَادَةُ الَّتِي تَضَمَّنَتْ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ وَبَيِّنَةُ الْإِثْبَاتِ بِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى أَنَّهَا بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَعْنِي زِيَادَةَ السِّعْرِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ قِبَلِ مُتَعَنِّتٍ أَوْ رَغْبَةِ رَاغِبٍ لَا تُقْبَلُ كَمَا إذَا زَادَتْ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ مَا اسْتَأْجَرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي نَفْسِهَا لِغَلَاءِ سِعْرِهَا عِنْدَ الْكُلِّ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ مِنْ آخِرِ فَصْلِ الْإِجَارَةِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا آجَرَ أَرْضَ الْوَقْفِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ يَجُوزُ فَإِنْ ازْدَادَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بِتَغَيُّرِ سِعْرِهَا أَوْ كَثْرَةِ الرَّغَبَاتِ فَإِنَّهُ يَفْسَخُ ذَلِكَ الْعَقْدَ وَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ ثَانِيًا وَفِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ يَجِبُ الْمُسَمَّى بِقَدْرِهِ فَقَطْ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَجِبُ الْعَقْدُ ثَانِيًا عَلَى أُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ كَمَا زَادَتْ.
كَذَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ، وَفِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْإِمَامِ السُّرُوجِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَإِنْ زَادَتْ بَدْرَةً وَالْبَدْرَةُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْإِسْعَافِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ مِنْ الْمُتَوَلِّي مُدَّةَ ثَلَاثِ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلَمَّا دَخَلَتْ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ كَثُرَ رَغَبَاتُ النَّاسِ فِي الْمَأْجُورِ فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِيهَا قَالُوا لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ بِنُقْصَانِ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ لَا غَيْرُ فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى حَالَةَ الْعَقْدِ أَجْرَ الْمِثْلِ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ.
وَفِي حَاوِي الْحَصِيرِيِّ لَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ صَحَّ وَزِيَادَةُ الرَّغْبَةِ فِي الْأُجْرَةِ بِمَنْزِلَةِ زِيَادَةِ السِّعْرِ فِي الْقِيمَةِ ثُمَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ فَكَذَا هَذَا قَالَ مَوْلَانَا إنْ زَادَ زِيَادَةً فَاحِشَةً كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَالزِّيَادَةُ الْفَاحِشَةُ مِقْدَارُهَا نِصْفُ الَّذِي آجَرَ بِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً حَيْثُ وُجِدَتْ الْمَنْفَعَةُ فَكَأَنَّهُ آجَرَ مِنْهُ هَذِهِ السَّاعَةَ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْعُ إذَا تَغَيَّرَ سِعْرُ الْمَبِيعِ. اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا زَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ فَعَلَى فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَعَلَى رِوَايَةِ شُرَّاحِ الطَّحَاوِيِّ يُفْسَخُ وَيُجَدَّدُ الْعَقْدُ، وَحَكَى الْبَاقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى تَصْحِيحَ كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي الْمِنَحِ إذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزِيدَ أَحَدٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الصُّغْرَى وَكَذَا فِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَقَالَ الْعَلَائِيُّ وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِأَنْ أَخْبَرَ الْقَاضِيَ ذُو خِبْرَةٍ أَنَّهَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَسَخَهَا وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ، وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَالْمُخْتَارُ قَبُولُهَا فَيَفْسَخُهَا الْمُتَوَلِّي فَإِنْ امْتَنَعَ فَالْقَاضِي، وَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ إنْ قِبَلهَا وَلَزِمَهُ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ قَبُولِهَا فَقَطْ وَإِنْ أَنْكَرَ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى أَنَّهَا إضْرَارٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ وَإِنْ زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزِيدَ أَحَدٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَا لَمْ يَفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى أَشْبَاهٌ مَعْزِيًّا لِلصُّغْرَى. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ حَيْثُ حَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِعَدَمِ قَبُولِ الزِّيَادَةِ لِكَوْنِ الْإِجَارَةِ وَقَعَتْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَحُكِمَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا بِسَبَبِ تَغَيُّرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بَعْدَ وُقُوعِ الدَّعْوَى فِي خُصُوصِ ذَلِكَ امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ إلَخْ وَفِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ.
وَقَدْ سُئِلَ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الطَّرَابُلُسِيُّ عَمَّا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ إجَارَةِ الْوَقْفِ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ أَنْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ ثُمَّ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِبَيِّنَةِ بُطْلَانِهَا أَمْ لَا أَجَابَ: بَيِّنَةُ الْإِثْبَاتِ مُقَدَّمَةٌ وَهِيَ الَّتِي قَدْ شَهِدَتْ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَدْ اتَّصَلَ بِهَا الْقَضَاءُ فَلَا تُنْقَضُ وَأَجَابَ بِذَلِكَ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ الْمَالِكِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ النَّجَّارِ الْحَنْبَلِيُّ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ الْأُجْرَةُ لِكَثْرَةِ رَغَبَاتِ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَزِيَادَةُ السِّعْرِ تُقْبَلُ وَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ حِينَ الْعَقْدِ أَنَّ الْأُجْرَةَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ هَكَذَا ذَكَرُوا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ حِينَ الْعَقْدِ كَانَتْ شَهَادَةً مُجَرَّدَةً عَنْ الْحَادِثَةِ وَالدَّعْوَى وَحُكْمِ الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِحَادِثَةٍ وَدَعْوَى وَحُكْمٍ مِنْ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ يَرَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تُقْبَلُ وَحَكَمَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا وَنَفَّذَ الْحَاكِمُ الْحَنَفِيُّ حُكْمَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَعَ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ الْخِلَافُ.
(أَقُولُ) يَعْنِي أَنَّ الْحَنْبَلِيَّ أَوْ الشَّافِعِيَّ لَوْ حَكَمَ بِعَدَمِ قَبُولِ الزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ بِحَادِثَةٍ مَخْصُوصَةٍ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ كَأَمْرٍ عَنْ فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ وَلَا سِيَّمَا إذَا نَفَّذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَأَمَّا إذَا حَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ وَقْتَ الْعَقْدِ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَبِأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ثُمَّ زَادَتْ الْأُجْرَةُ تُقْبَلُ وَتُسْمَعُ بِهَا الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ أُخْرَى لَمْ يَجْرِ فِيهَا حُكْمُ حَاكِمٍ بَعْدَ دَعْوَى.
وَنَظِيرُهُ لَوْ أُقِيمَتْ الدَّعْوَى لَدَى شَافِعِيٍّ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فَحَكَمَ بِصِحَّتِهَا وَعَدَمِ فَسْخِهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ مَثَلًا فَلِلْحَنَفِيِّ فَسْخُهَا بِالْمَوْتِ مَا لَمْ يَحْكُمْ الشَّافِعِيُّ بِخُصُوصِ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْغَرْسِ وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ يَظْهَرُ لَكَ صِحَّةُ قَوْلِ ابْنِ نُجَيْمٍ فِي فَتَاوَاهُ وَلَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا أَيْ الزِّيَادَةِ حُكْمُ الْحَنْبَلِيِّ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. اهـ.
أَيْ مَنْعُ حُكْمِ الْحَنْبَلِيِّ الْمَذْكُورِ لِقَبُولِ الزِّيَادَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَقَوْلُ مَنْ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ فِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ.
وَقَدْ صَرَّحَ الْحَانُوتِيُّ فِي فَتَاوَاهُ بِمِثْلِ مَا فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى النَّاظِرُ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِوُقُوعِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَقْتَ الْعَقْدِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ بَرْهَنَ الْمُسْتَأْجِرُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ، وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَبِأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى النَّاظِرِ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَدْ زَادَتْ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ أُقِيمَتْ الدَّعْوَى لَدَى حَنَفِيٍّ فَسَخَهَا وَجَدَّدَ الْعَقْدَ ثَانِيًا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إنْ قَبِلَ الزِّيَادَةَ وَإِلَّا أَجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أُقِيمَتْ الدَّعْوَى لَدَى شَافِعِيٍّ أَوْ حَنْبَلِيٍّ وَحَكَمَ بِإِلْغَاءِ الزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ وَبِعَدَمِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ لِذَلِكَ نَفَذَ حُكْمُهُ، وَلَيْسَ لِلْحَنَفِيِّ فَسْخُهَا بَلْ عَلَيْهِ إمْضَاءُ حُكْمِ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ وَتَنْفِيذُهُ لِارْتِفَاعِ الْخِلَافِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ نَقْلًا عَنْ جَدِّهِ الْمَرْحُومِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ التَّنْفِيذُ إحْكَامُ الْحُكْمِ الصَّادِرِ مِنْ الْحَاكِمِ وَتَقْرِيرُهُ عَلَى مُوجَبِ مَا حَكَمَ بِهِ وَبِهِ يَكُونُ الْحُكْمُ مُتَّفِقًا عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ خُصُومَةٍ مِنْ مُدَّعٍ عَلَى خَصْمٍ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَبَضَ نَاظِرُ وَقْفٍ أُجْرَةَ مَكَانٍ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ وَتَوَلَّى النَّظَرَ غَيْرُهُ قَامَ يُطَالِبُ مُسْتَأْجِرَهُ دَفْعَ الْأُجْرَةِ ثَانِيًا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): لَيْسَ لِلنَّاظِرِ الْجَدِيدِ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَأْجِرِ بِذَلِكَ وَيَكُونُ قَبْضُ النَّاظِرِ السَّابِقِ صَحِيحًا مَعْمُولًا بِهِ شَرْعًا وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يُعْطِيَ أُجْرَتَيْنِ لِلنَّاظِرَيْنِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْجَدُّ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مِنْ مُسْتَحِقِّيهِ نَاظِرٌ شَرْعِيٌّ وَبَعْضُ مُسْتَحِقِّيهِ مُتَصَرِّفُونَ فِي عَقَارٍ مِنْ إيجَارٍ وَقَبْضٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْهُ وَلَا إذْنٍ شَرْعِيٍّ وَزَرَعَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَرْضَ الْوَقْفِ وَاسْتَغَلَّ زَرْعَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ لِجِهَةِ الْوَقْفِ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قَسْمٌ مَعْرُوفٌ فَهَلْ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ لِلنَّاظِرِ لَا لِغَيْرِهِ وَالزَّرْعُ لِزَارِعِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَجَرَ حَمَّامَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ قَايَلَ النَّاظِرُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مَعَ زَيْدٍ وَآجَرَهُ مِنْ عَمْرٍو بِدُونِ الْأُجْرَةِ الْأُولَى بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَبِدُونِ مَصْلَحَةٍ لِلْوَقْفِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِقَالَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ قَايَلَ بِدُونِ مَصْلَحَةٍ لِلْوَقْفِ وَآجَرَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَكُلٌّ مِنْ الْمُقَايَلَةِ وَالْإِجَارَةِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ غَيْرُ جَائِزٍ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَبَضَ نَاظِرُ الْوَقْفِ بَعْضَ أُجُورِ أَقْلَامِ الْوَقْفِ مِنْ مُسْتَأْجِرِيهَا سَلَفًا عَنْ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَهَلْ يَكُونُ الْقَبْضُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ دَارَ الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ سَلَفًا لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ لِتَعْمِيرِ الدَّارِ فَهَلْ يَكُونُ قَبْضُهُ صَحِيحًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) لِيُنْظَر فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالضَّرُورَةِ وَلَعَلَّهَا لِكَوْنِ وَاقِعَةِ الْحَالِ كَذَلِكَ أَوْ لِكَوْنِ الْمُدَّةِ طَوِيلَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ إيجَارُ دَارِ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لِمَصْلَحَةٍ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ قَبْضُ الْأُجْرَةِ سَلَفًا حَيْثُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا وَفِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة فِي نَاظِرٍ آجَرَ خَانَ الْوَقْفِ سَنَةً تَالِيَةً لِمُدَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ قَبَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ عُزِلَ فِي أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ الْجَدِيدُ أَخْذَ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَأَجَابَ: إذَا ثَبَتَ قَبْضُ الْأَوَّلِ الْأُجْرَةَ فَقَبْضُهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ الثَّانِي أَخْذُهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ثَانِيًا. اهـ.
فَأَفَادَ جَوَازَ قَبْضِ الْأُجْرَةِ سَلَفًا مُطْلَقًا حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالضَّرُورَةِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ مَتَى صَحَّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ صَحَّ قَبْضُ الْأُجْرَةِ حَيْثُ شُرِطَ تَعْجِيلُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ نَاظِرِ وَقْفٍ مَبْلَغٌ مِنْ النُّقُودِ اسْتَبْدَلَ بِهِ عَنْ عَقَارِ الْوَقْفِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَبَقِيَ عِنْدَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ عَقَارًا لِلْوَقْفِ بَدَلَ الْأَوَّلِ فَقَامَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ يُكَلِّفُ النَّاظِرَ إلَى كَفِيلٍ يَكْفُلُهُ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ أَوْ يَكْتُبُهُ النَّاظِرُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُرَابَحَةِ أَوْ يَدْفَعُهُ لَهُ وَلِبَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِيَدْفَعُوهُ بِالْمُرَابَحَةِ فَهَلْ لَا يُكَلَّفُ إلَى ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيَبْقَى الْمَبْلَغُ تَحْتَ يَدِهِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ عَقَارًا لِلْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ كَمَالِ الْوَقْفِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ مِنْ الْكَفَالَةِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ.
وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ إذَا لَمْ يَصْرِفْ النَّاظِرُ الْمُسْتَبْدِلُ الْمَالَ الْمُسْتَبْدَلَ فِي عَقَارٍ أَوْ تَعَدَّى عَلَيْهِ أَوْ ضَاعَ مِنْ يَدِهِ أَوْ غَابَ بِهِ هَلْ يَلْحَقُ الْمُسْتَبْدِلَ أَوْ وَرَثَتَهُ بِسَبَبِ فِعْلِ النَّاظِرِ ضَمَانٌ أَوْ خُسْرَانٌ أَجَابَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَبْدِلِ وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ وَلَا يَلْحَقُهُمْ بِسَبَبِ فِعْلِ النَّاظِرِ خُسْرَانٌ وَبِدَفْعِهِ الْبَدَلَ خَرَجَ عَنْ عُهْدَتِهِ وَبَقِيَ فِي عُهْدَةِ النَّاظِرِ إلَخْ. اهـ.
، لَوْ لَمْ يَتَّجِرْ الْوَصِيُّ بِمَالِ الصَّبِيِّ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى التِّجَارَةِ قَالَ لَا مَجْمَعُ الْفَتَاوَى.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ مَعْرُوفٍ بِالْأَمَانَةِ قَبَضَ غَلَّاتِ الْوَقْفِ فِي مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ وَصَرَفَ بَعْضَهَا فِي مُهِمَّاتِ الْوَقْفِ الضَّرُورِيَّةِ فِيمَا لَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَتَعَذَّرَ تَفَاصِيلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا الْإِجْمَالُ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ مِنْ الضَّمَانِ وَيُكْتَفَى مِنْهُ بِالْإِجْمَالِ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ عُرِفَ بِالْأَمَانَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ مِنْ ضَمَانِ ذَلِكَ وَيَكْتَفِي مِنْهُ الْقَاضِي بِالْإِجْمَالِ وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى التَّفْسِيرِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى التَّفْسِيرِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا يَحْبِسُهُ وَلَكِنْ يُحْضِرُهُ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةً وَيُخَوِّفُهُ وَيُهَدِّدُهُ إنْ لَمْ يُفَسِّرْ وَلَا يَكْتَفِي مِنْهُ بِالْيَمِينِ كَذَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَالْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى التُّمُرْتَاشِيُّ وَفِي أَحْكَامِ الْأَوْصِيَاءِ الْقَوْلُ فِي الْأَمَانَةِ قَوْلُ الْأَمِينِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَمْرًا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ فَحِينَئِذٍ تَزُولُ الْأَمَانَةُ وَتَظْهَرُ الْخِيَانَةُ فَلَا يُصَدَّقُ بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ ظَهَرَتْ خِيَانَةُ نَاظِرٍ لَا يُصَدَّقُ قَوْلُهُ وَلَوْ بِيَمِينِهِ وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَلْتُحْفَظْ. (أَقُولُ) وَمَرَّ تَمَامُ الْكَلَامِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَعَدَمِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ مُتَوَلِّي وَقْفَ بِرٍّ لِجَابِي الْوَقْفِ فِي قَبْضِ أُجُورِ حَوَانِيتِ الْوَقْفِ وَدَفْعِهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ فَقَبَضَ الْبَعْضَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِخْلَاصُ الْبَاقِي وَدَفَعَ بَعْضَ مَا قَبَضَهُ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ وَبَعْضَهُ لِلْمُتَوَلِّي ثُمَّ جَحَدَ الْمُتَوَلِّي مَا دَفَعَهُ لَهُ الْجَابِي وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ فَهَلْ الْجَابِي الْأَمِينُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَعَ الْيَمِينِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فِيمَا لَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُقَرَّرًا فِي وَظِيفَةِ جِبَايَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ بِمُوجَبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَتَقْرِيرِ قَاضٍ شَرْعِيٍّ وَيَتَصَرَّفُ بِهَا مِنْ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ قَامَ الْمُتَوَلِّي الْآنَ يَزْعُمُ أَنَّ دَفْعَ الْمُسْتَأْجِرِينَ الْأُجْرَةَ لِلْجَابِي غَيْرُ صَحِيحٍ وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِهَا عَلَيْهِمْ فَهَلْ يَكُونُ قَبْضُ الْجَابِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ صَحِيحًا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لِمَا فِي وَقْفِ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ جَمْعَ الْمَالِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِينَ هِلَالِيًّا وَخَرَاجِيًّا وَظِيفَةُ الْجَابِي، مَاتَ الْمُتَوَلِّي وَالْجُبَاةُ يَدَّعُونَ تَسْلِيمَ الْغَلَّةِ إلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُصَدَّقُونَ بِالْيَمِينِ لِإِنْكَارِهِمْ الضَّمَانَ عُمْدَةُ الْفَتَاوَى وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَابِيَ وَالْمُتَوَلِّيَ إنَّمَا يُصَدَّقَانِ فِي صَرْفِ مَالِ الْوَقْفِ إلَى مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ تَسْلِيمِهِ إلَى مَنْ لَهُ حَقُّ الْقَبْضِ شَرْعًا وَلَوْ فِي حَقِّ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ لِلْوَقْفِ وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ إنَّمَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا فَإِنَّ الْمَالَ لَيْسَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَهُمَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ فَإِذَا وَقَعَ النِّزَاعُ بَيْنَ الْجَابِي وَالْمُتَوَلِّي عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ وَلَزِمَ الضَّرَرُ لِلْوَقْفِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ بِمَذْهَبِهِمَا نَظَرًا لِلْوَقْفِ فَتَأَمَّلْ مِنْ " الْقَوْلُ لِمَنْ " لِلْمَوْلَى عَبْدِ الْحَلِيمِ أَفَنْدِي أَخِي زَادَهْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَقْفَ هَلْ يَصِيرُ وَصِيًّا لَهُ فِي أَوْقَافِهِ وَأَمْوَالِهِ وَأَوْلَادِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ نَاقِلًا عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَصِيًّا لَهُ فِي أَوْقَافِهِ وَأَوْلَادِهِ وَأَمْوَالِهِ وَلَوْ خَصَّ الْوَصِيَّةَ فِي أَمْوَالِهِ فَهُوَ وَصِيٌّ فِي كُلِّهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَنْفُذُ بِمَا خَصَّصَهُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ عَقَارًا لَهُ مَعْلُومًا مُنَجَّزًا عَلَى الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَشَرَطَ وَظِيفَةَ النَّظَرِ لِعَمْرٍو وَذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِمُتَوَلِّي الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مَاتَ الْوَاقِفُ وَعَمْرٌو وَتَصَرَّفَ بِوَظِيفَةِ النَّظَرِ الْمَزْبُورِ رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَمْرٍو وَهُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ قَامَ مُتَوَلِّي الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ يُعَارِضُهُ فِي التَّصَرُّفِ بِالنَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مُخَالِفًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَهَلْ لَيْسَ لِمُتَوَلِّي الْحَرَمَيْنِ مُعَارَضَتُهُ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَتَّى تَنْقَرِضَ ذُرِّيَّةُ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَزْبُورِ؛ لِأَنَّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ وَفِي الْمَفْهُومِ وَالدَّلَالَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ.
(سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1147 إذَا مَاتَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُجْهِلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَعَلَى الْوَقْفِ حِكْرٌ لِوَقْفٍ آخَرَ مُنْكَسِرٌ عِدَّةَ سِنِينَ وَيُرِيدُ مُتَوَلِّيهِ طَلَبَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَلِّي الْمُتَوَفَّى فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ أَمْ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَلِّي الْمُتَوَفَّى؟
(الْجَوَابُ): الْحِكْرُ الْمَذْكُورُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ الْمُحْتَكَرِ لِأَجْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ تَرِكَةَ الْمُتَوَلِّي الْمُتَوَفَّى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَذَا أَفْتَى الْمَرْحُومُ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ إذْ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورُ قَدْ مَاتَ مُجْهِلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْوَقْفِ فِي تَرِكَتِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَعِبَارَتُهَا وَكُلُّ أَمِينٍ مَاتَ وَالْعَيْنُ تُحْصَرُ وَمَا وَجَدْت عَيْنًا فَدَيْنًا تُصَيَّرُ سِوَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ ثَمَّ مُفَاوِضٌ وَمُودِعُ مَالَ الْغُنْمِ وَهُوَ الْمُؤَمَّرُ أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا بَقِيَّةَ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى عَقَارَاتٍ قَبَضَ نَاظِرُهُ أُجُورَهَا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا عَنْ سَنَةِ كَذَا وَشَرَطَ وَاقِفُهُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَاضِلُ عَنْهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَأَمْسَكَ النَّاظِرُ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَقْفُ مِنْ الْعِمَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَطَلَبَ مُسْتَحِقُّو الْوَقْفِ اسْتِحْقَاقَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمَمْسُوكِ لِلْعِمَارَةِ فِيمَا يَأْتِي فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ حَيْثُ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ إمْسَاكُ قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعِمَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ الْآنَ لَا يَحْتَاجُ الْمَوْقُوفَ لِلْعِمَارَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ لِلْفَقِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ لِلْمَوْقُوفِ حَدَثٌ وَالْمَوْقُوفُ بِحَالٍ لَا يُغِلُّ فَيُؤَدِّي الصَّرْفُ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ غَيْرِ ادِّخَارِ شَيْءٍ لِلتَّعْمِيرِ إلَى خَرَابِ الْعَيْنِ الْمَشْرُوطِ تَعْمِيرُهَا أَوَّلًا كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ قَالَ مُحَشِّيهِ الْحَمَوِيُّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُخْتَارُ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ. (أَقُولُ) وَمَرَّ فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَوْ لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرٍ أَهْلٍ لِلنِّظَارَةِ وَلَّاهُ قَاضٍ وَأَكَّدَهُ بِبَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ فَأَنْهَى جَمَاعَةٌ أَنَّهَا شَاغِرَةٌ وَأَتَوْا بِفَرَمَانٍ بِنَصٍّ مُخَالِفٍ فَهَلْ يُمْنَعُونَ بِاعْتِبَارِ إنْهَائِهِمْ الْمُخَالِفِ لِلْوَاقِعِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُمْنَعُونَ فَإِنْ عَزَلَهُ وَأَعْطَاهُمْ بِنَاءً عَلَى مَا أَنْهَوْهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْوَاقِعِ فَيَكُونُ فَاسِدًا وَالْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ مِثْلُهُ وَحَيْثُ بُنِيَ عَلَى مَا أَنْهَوْا فَالظُّلْمُ وَالتَّعَدِّي مِنْ الْآخِذِينَ، وَمَنْصُوبُ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ حَيْثُ كَانَ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ لَيْسَ لِأَحَدٍ رَفْعُهُ بِغَيْرِ جُنْحَةٍ وَلَا مَصْلَحَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْإِسْعَافِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَحْرِ وَالْأَشْبَاهِ وَالْعَلَائِيِّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مُفَصَّلًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوِيه مِنْ الْوَقْفِ. (أَقُولُ) وَمَرَّ نَظِيرُ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَرَّرَ الْقَاضِي هِنْدًا فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ وَالتَّكَلُّمِ عَلَى وَقْفٍ أَهْلِيٍّ بِطَرِيقِ الْفَرَاغِ مِنْ أُمِّهَا الْمُقَرَّرَةِ فِي ذَلِكَ قَبْلَهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَهِنْدٌ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَكُتِبَ لَهَا حُجَّةُ تَقْرِيرٍ بِذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِالْحُجَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَضْمُونِهَا شَرْعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَسْأَلَةِ الْفَرَاغِ عَنْ النَّظَرِ فَرَاجِعْهُ مُتَأَمِّلًا.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَمَرَهُ الْقَاضِي الْعَامُّ بِإِقْرَاضِ مَالِ الْوَقْفِ فَأَقْرَضَهُ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَرْضِ الْمَزْبُورِ مُفْلِسًا فَهَلْ يَكُونُ النَّاظِرُ غَيْرَ ضَامِنٍ لِلْمَالِ الْمَزْبُورِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ فَإِنْ قُلْت إذَا أَمَرَ الْقَاضِي الْقَيِّمَ بِشَيْءٍ فَفَعَلَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ أَوْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ هَلْ يَكُونُ الْقَيِّمُ ضَامِنًا قُلْت قَالَ فِي الْقُنْيَةِ طَالَبَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الْقَيِّمَ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ. اهـ.
مَعَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَيْسَ لَهُ إقْرَاضُ مَالِ الْمَسْجِدِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي إيدَاعُ مَالِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ إلَّا مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ وَلَا إقْرَاضُهُ فَلَوْ أَقْرَضَهُ ضَمِنَ وَكَذَا الْمُسْتَقْرِضُ وَذَكَرَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَوْ أَقْرَضَ مَالَ الْمَسْجِدِ لِيَأْخُذَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَهُوَ أَحْرَزُ مِنْ إمْسَاكِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَفِي الْعِدَّةِ يَسَعُ لِلْمُتَوَلِّي إقْرَاضُ مَا فَضَلَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَوْ أَحْرَزَ. اهـ.
بَحْرٌ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ لَهُ مُتَوَلٍّ وَمُشْرِفٌ بِمَعْنَى النَّاظِرِ بِشَرْطِ وَاقِفِهِ وَالْمُتَوَلِّي يَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ بِدُونِ إذْنِ الْمُشْرِفِ وَاطِّلَاعِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ الْفَضْلِيُّ يَكُونُ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ الْمُشْرِفُ وَصِيًّا، وَأَثَرُ كَوْنِهِ مُشْرِفًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِهِ. اهـ.
كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَكَذَا نَقَلَهُ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْخَاصِّيِّ وَبِقَوْلِ الْفَضْلِيِّ يُفْتَى. اهـ.
وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَسْتَقِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَمَسَائِلُهُ تُنْزَعُ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فَمَا فِي فَتَاوَى الرَّحِيمِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَوْ آجَرَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إجَارَةً شَرْعِيَّةً تَنْعَقِدُ وَلَا يَمْلِكُ النَّاظِرُ مُعَارَضَتَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي زَمَانِنَا بِمَعْنَى الْمُشَارِفِ فِيهِ نَظَرٌ، وَفِي الْبَحْرِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَقْفٌ لَهُ مُتَوَلٍّ وَمُشْرِفٌ لَيْسَ لِلْمُشْرِفِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى الْمُتَوَلِّي وَالْمُشْرِفُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ لَا غَيْرُ. اهـ.
وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فِي مَعْنَى الْمُشْرِفِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. اهـ.
(أَقُولُ) وَتَقَدَّمَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ حَامِلَةٍ لِغِرَاسِ، حِصَّةٌ مِنْهُ جَارِيَةٌ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَبَقِيَّةُ غِرَاسِهِ مِلْكٌ لِرَجُلٍ يُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ ضَبْطَ كَامِلِ أَرْضِ الْبُسْتَانِ مَعَ الْحِصَّةِ الْجَارِيَةِ فِي الْوَقْفِ مِنْ غِرَاسِهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأَخْذَ أَجْرِ مَنَابِتِ الشَّجَرِ مِنْ الرَّجُلِ بِحَسَبِ حِصَّتِهِ مِنْ الْغِرَاسِ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَرْسَلَ رَجُلًا لِجِبَايَةِ مَالِ الْوَقْفِ مِنْ مُسْتَأْجَرِي أَقْلَامِهِ فَقَبَضَ مَالَ الْوَقْفِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَدَفَعَهُ إلَى مُرْسَلِهِ ثُمَّ عُزِلَ النَّاظِرُ وَتَوَلَّى النَّظَرَ غَيْرُهُ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الرَّسُولِ بِمَا قَبَضَهُ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الرَّسُولِ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَشَرْحِهِ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ فِي ذَلِكَ وَالْمَأْمُورَ لَهُ بِالْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخَرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ عَنْ الْآمِرِ وَلَا يَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْآمِرِ أَنْ يُصَدِّقَ أَحَدَهُمَا وَيُكَذِّبَ الْآخَرَ فَتَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الَّذِي كَذَّبَهُ دُونَ الَّذِي صَدَّقَهُ فَإِنْ صَدَّقَ الْمَأْمُورَ بِالدَّفْعِ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ الْآخَرَ بِاَللَّهِ مَا قَبَضَ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَسْقُطْ دَيْنُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْقَبْضُ وَإِنْ نَكَلَ ظَهَرَ قَبْضُهُ وَسَقَطَ عَنْ الْآمِرِ دَيْنُهُ، وَإِنْ صَدَّقَ الْآخَرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَكَذَّبَ الْمَأْمُورَ أَنَّهُ يُحَلِّفُ الْمَأْمُورَ خَاصَّةً بِاَللَّهِ لَقَدْ دَفَعْتُهُ إلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا دَفَعَ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَ مَالَهُ عِنْدَ رَجُلٍ ثُمَّ أَمَرَ الْمُودَعَ بِأَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمُودَعُ قَدْ دَفَعْتُ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَلَوْ دَفَعَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ إلَى رَجُلٍ وَادَّعَى أَنَّهُ قَدْ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الْأَمْرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَضْمُونًا عَلَى رَجُلٍ كَالْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ الدَّيْنِ فَأَمَرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِأَنْ يَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ دَفَعْتُ إلَيْهِ وَقَالَ فُلَانٌ مَا قَبَضْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ فُلَانٍ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلَا يُصَدَّقُ الْمَأْمُورُ عَلَى الدَّفْعِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إبْرَاءَ نَفْسِهِ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْآمِرُ فِي الدَّفْعِ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ وَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْقَابِضِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ كَذَّبَ الْآمِرُ الْمَأْمُورَ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ وَطَلَبَ الْمَأْمُورُ يَمِينَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ دَفَعَ فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ مِنْهُ الضَّمَانَ وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ. اهـ.
مِنْ فَتَاوَى الشِّهَابِ الشَّلَبِيِّ مِنْ أَوَائِلِ الْوَكَالَةِ وَكَذَا فِي مَجْمُوعَةِ الْأَنْقِرْوِيِّ.
(سُئِلَ) فِي وَكِيلٍ شَرْعِيٍّ عَنْ نُظَّارِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فِي مُبَاشَرَةِ أُمُورِ الْوَقْفِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَفِي اسْتِخْلَاصِ عَقَارَاتِهِ مِنْ مُسْتَغِلِّيهَا وَفِي سَائِرِ أُمُورِ الْوَقْفِ فَبَاشَرَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَاسْتَخْلَصَ بَعْضَ عَقَارَاتِهِ وَصَرَفَ عَلَى ذَلِكَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً لِاسْتِخْلَاصِهِ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْ صَرْفِهِ لِكَتْبِ حُجَجٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَصْرِفَ الْمِثْلِ، الْبَعْضُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَالْبَعْضُ اسْتِدَانَةٌ بِإِذْنِ الْقَاضِي حَيْثُ لَا مَالَ فِي الْوَقْفِ حَاصِلٌ وَلَا مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِ عَقَارِهِ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ وَيُرِيدُ الْآنَ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ لَا يَسْتَدِينُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي جَازَ وَإِلَّا لَا بَحْرٌ مِنْ بَحْثِ الِاسْتِدَانَةِ وَفِي أَوَائِلِ الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ مَا نَصُّهُ قَدْ تَقَرَّرَ صِحَّةُ تَوْكِيلِ نَاظِرِ الْوَاقِفِ مُطْلَقًا وَنَاظِرِ الْقَاضِي إذَا عُمِّمَ لَهُ. اهـ.
وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَفِيهَا وَحَيْثُ عُمِّمَ لَهُ التَّوْكِيلُ وَنَابَ الْوَقْفَ نَائِبُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا إلَّا بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَدَفَعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَخْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ فِي أَرْضِ وَقْفٍ غِرَاسٌ قَدِيمٌ جَارٍ فِي وَقْفٍ آخَرَ وَأَهْلُهُ مُتَصَرِّفُونَ فِيهِ وَيَدْفَعُونَ لِمُتَوَلِّي الْأَرْضِ أُجْرَتَهَا وَطَالَبَهُمْ مُتَوَلِّي الْأَرْضِ بِإِثْبَاتِ وَضْعِهِ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُمْ بِذَلِكَ وَيُتْرَكُ الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟
(الْجَوَابُ): يُمْنَعُ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُمْ بَعْدَ تَصَرُّفِهِمْ وَدَفْعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِجِهَةِ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الْمَدِيدَةِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ فِي الْغِرَاسِ كَذَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ جَوَابِي كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَبُو الْمَوَاهِبِ الْحَنْبَلِيُّ عُفِيَ عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ جَوَابِي كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ.
(سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ ثِقَةٍ قَبَضَ غِلَالَ الْوَقْفِ وَصَرَفَ بَعْضَهَا فِي ثَمَنِ بَزْرٍ وَغِرَاسٍ لِأَرْضِ الْوَقْفِ وَغَيْرِهَا مِنْ اللَّوَازِمِ الضَّرُورِيَّةِ لِلْوَقْفِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدٌ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ جَوَابِي كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ الْغَزِّيِّ الْمُفْتِي الشَّافِعِيُّ عُفِيَ عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِير يُوسُفُ أَبُو الْفَتْحِ الْحُسَيْنِيُّ الْمَالِكِيُّ الْمُفْتِي بِالشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْحَنْبَلِيُّ الْمَوَاهِبِيُّ الْمُفْتِي فِي الشَّامِ. (أَقُولُ) وَمَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَظِيفَةٌ فِي وَقْفٍ بِمَا لَهَا مِنْ الْمَعْلُومِ وَقَدْرُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ عُثْمَانِيَّةٌ مُقَرَّرٌ فِيهَا بِبَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَدَفَاتِرُ الْوَقْفِ شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ، وَتَوَلَّى الْوَقْفَ رَجُلٌ دَفَعَ مِنْ مَالِهِ لِزَيْدٍ مَعْلُومَ الْوَظِيفَةِ فِي عِدَّةِ سِنِينَ عَلَى حِسَابِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عُثْمَانِيًّا ظَانًّا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مَعْلُومَ الْوَظِيفِ ثَلَاثَةُ عَثَامِنَةٍ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالزَّائِدِ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ مَالِهِ فِي الْمُدَّةِ ظَانًّا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ مَسَائِلِ الِاسْتِدَانَةِ.
(سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ عُزِلَ وَتَوَلَّى عَلَى الْوَقْفِ غَيْرُهُ بِبَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَتَقْرِيرِ قَاضٍ وَلِلْوَقْفِ غَلَّاتٌ وَأُجُورٌ فَهَلْ يَكُونُ قَبْضُ الْغَلَّاتِ وَالْأُجُورِ لِلْمُتَوَلِّي الْمَنْصُوبِ حَالًا دُونَ الْمَعْزُولِ وَإِذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْمَعْزُولُ وَظِيفَةَ التَّوْلِيَةِ لَا يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَ التَّوْلِيَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَارٍ مُتَوَلِّينَ عَلَى وَقْفِ بِرٍّ آجَرَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ عَقَارَاتِ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ بِدُونِ رَأْيٍ مِنْ الْبَاقِينَ وَلَا إجَازَةٍ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
فِي دَارِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لَهَا نَاظِرَانِ فَتَحَ مُسْتَأْجِرُهَا بَابًا بِإِذْنٍ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِسَدِّهِ وَيَكُونُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ بَاطِلًا الْجَوَابُ: حَيْثُ كَانَا رَشِيدَيْنِ وَأُقِيمَا بِتَقْرِيرٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَلِيٌّ الْعِمَادِيَّ عُفِيَ عَنْهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ مُقَرَّرَةً فِي نِصْفِ وَظِيفَةِ نَظَرِ وَقْفَيْ جَدَّيْهَا فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَوَكَّلَتْ شَرِيكَهَا زَيْدًا فِي النَّظَرِ وَفِي تَعَاطِي أُمُورِ الْوَقْفَيْنِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ الْمَزْبُورُ أَنَّ دَعْدًا الْمُسْتَحِقَّةَ تَسْتَحِقُّ كَامِلَ نَظَرِ الْوَقْفِ الْوَاحِدِ دُونَ الْمُوَكِّلَةِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْمُوَكِّلَةُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ عَنْ نَفْسِهِ سَارِيًا عَلَيْهِ وَلَا يَسْرِي عَلَى الْمُوَكِّلَةِ الْمَزْبُورَةِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) وَمَرَّ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لَهُ نَاظِرٌ أَمِينٌ وَجَمَاعَةٌ مُسْتَحِقُّونَ لِرَيْعِهِ يُعَارِضُونَ النَّاظِرَ الْمَزْبُورَ فِي التَّصَرُّفِ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَإِيجَارٍ وَتَعْمِيرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ زَاعِمِينَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِحُضُورِهِمْ وَاطِّلَاعِهِمْ فَهَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمْ وَاطِّلَاعُهُمْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لَهُ مُسْتَحِقُّونَ وَنَاظِرْنَ وَفِي رَيْعِ الْوَقْفِ عَوَائِدُ قَدِيمَةٌ مَعْهُودَةٌ يَتَنَاوَلُهَا كُلُّ مَنْ كَانَ نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ بِسَبَبِ سَعْيِهِمْ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً بِمُوجَبِ دَفَاتِرِ الْوَقْفِ الْمُمْضَاةِ بِإِمْضَاءِ الْقُضَاةِ هَلْ لِلنَّاظِرِ تَنَاوُلُهَا كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْقَدِيمَةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) تَقَدَّمَ أَنَّ لِلنَّاظِرِ أَخْذَ الْعُشْرِ حَيْثُ كَانَ قَدْرَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الزَّائِدِ إلَّا إذَا شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ مُطْلَقًا، وَهَذِهِ الْعَوَائِدُ إنْ كَانَتْ مِثْلَ الْعَوَائِدِ الَّتِي يَأْخُذُهَا النُّظَّارُ فِي زَمَانِنَا كَاَلَّذِي يَأْخُذُونَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَيُسَمُّونَهُ خِدْمَةً فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ تَكْمِلَةٌ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُمْ يُؤْجِرُونَ عَقَارَ الْوَقْفِ بِدُونِ أَجْرِ مِثْلِهِ حَتَّى يَأْخُذُوا الْخِدْمَةَ لِأَنْفُسِهِمْ فَهَذَا لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ حَقٌّ وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ التُّمُرْتَاشِيِّ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَخْذُ زِيَادَةٍ عَلَى مَا قَرَّرَ لَهُ الْوَاقِفُ أَصْلًا وَيَجِبُ صَرْفُ جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ مِنْ نَمَاءٍ وَعَوَائِدَ شَرْعِيَّةٍ وَعُرْفِيَّةٍ لِمَصَارِفِ الْوَقْفِ الشَّرْعِيَّةِ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَمْرُ الْمُرْتَشِي بِرَدِّ الرِّشْوَةِ عَلَى الرَّاشِي.
غِبَّ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ. اهـ.